الرئيسية

التربية الإيجابية….. أطفالنا أمانة عندنا….

المغرب تحت المجهر…بقلم امينة بنالعلوي

التربية فن وإبداع ومع الإبداع تحلو الحياة،فهي عملية تفاعلية مشتركة بين الأبوين والمحيط بمكوناته، من خلال ممارسة مجموعة من المهارات التي يتوخى من خلالها غرس القيم والمبادئ، والسلوكات كالاحترام، الرعاية، الحب، التشجيع في ظل بيئة آمنة( إيجابية)، لأجل بناء إنسان مستقل بذاته له شخصيته، فالطفل الذي ينمو في بيئة سلبية مليئة بالانتقادات يفقد إحساسه بالأمان وثقته بنفسه، وبالتالي تصدر عنه تصرفات سيئة وغير سليمة.

نجد الكثير من الآباء والأمهات لا يحسنون التعامل مع أبنائهم وفي المقابل آباء يعانون من تصرفات أبنائهم الغير مسؤولة.

إن أطفالنا أمانة عندنا وليسوا ملكية لنا، فمن واجبنا المحافظة على الأمانة لا تشكيلها أو قولبتها حسب طموحتنا أو أحلامنا التي لم نتمكن من تحقيقها، وبالتالي جعلها حبيسة قوقعة ماضينا.

لذلك نلاحظ أن كل أسرة تحاول أن تحافظ على أطفالها، رعاية منها لهذه الأمانة، باعتماد أسلوبها الخاص سعيا للوصول بها للأفضل، وهنا نميز بين مايلي:

الأسرة المتسلطة.

يكون الأب فيها مسيطرا، وهذا نموذج للأسرة التقليدية، حيث تكون السيطرة التامة على أطفاله، فهو يتحكم في لباسهم ، مواعيد الطعام، حتى أسلوبهم في الحديث، فهو حازم في كل شيء متشبت بالعادات والتقاليد، معتبرا تربية الأبناء حرب وهذه الحرب لابد من كسبها، وهذا بطبيعة الحال اعتقاد خاطئ، فتحقيقه لرغبات أبنائه الممكنة لايحط من قيمته ووقاره، فهو لا يتنازل عن سلوكه السلطوي ولو بابتسامة أو لمسة خفيفة، ويختار بذلك أسلوب الصراخ والنهر و الإحراج، بذل المدح والإثراء والجلوس للتحدث مع أبنائه و مناقشة اختيارتهم والبحث سويا عن حلول لمشاكلهم، متناسيا أن أطفاله أمانة ينبغي المحافظة عليها بذل ذمها وانتقادها.

وغالبا ما ينجم عن ذلك المساهمة في تنشئة شاب عنيد رافض للقيم والمبادئ المجتمعية يسهل انحرافه أو شاب خاضع للآخر وبالتالي ضريبته التأتأة وغيرها…

الأسرة الحديثة.

اهتمامها يتمحور حول المظاهر الخارجية و الكماليات، متأثرة بالماديات، فينصب تركيزها على مستقبل الطفل لا شخصيته؛ متناسية بذلك إنسانيته الأهم من مستواه، فتراها تبحث عن المدارس التعليمية ذات الشهرة الكبيرة، و مستوى معيشي راقي، سعيها أساسا يكون وراء الألوان البراقة، منفتحة على الثقافة الغربية، حيث التقليد الأعمى للغرب دون الاهتمام بما يتفق أو يتنافى مع ديننا وثقافتنا، أو الانتباه للأمنيات الشخصية لأطفالها أو النظر لما يحبونه وما يهدفون إليه .

وقد نصطدم بأم صارمة و أب متساهل، أو العكس مما يؤدي إلى اضطراب في الهوية الجنسية للطفل الذي يتربى داخل هاته الأسرة، إذ ينفر من صورة الأب ويعجب بصورة الأم فيسعى لتقليدها وهكذا….

وقد يكون سبب التساهل في التربية هو الهروب من المسؤولية، وبالتالي يتم إلغاء كل الحدود وترك الحرية المطلقة للأبناء، فينتج عن ذلك عدم احترام الضوابط الأسرية، وتفسخ القيم الاجتماعية، وعدم الانضباط للتكاليف الشرعية..

فأين نحن من قول الرسول صلى الله عليه وسلم ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته…”

الأسرة التقليدية العصرية.

تهتم بغرس القيم والمبادئ العليا وتحمل المسؤولية لأطفالها بطرق مباشرة وغير مباشرة، فهي تهتم بشخص الطفل بالدرجة الأولى، وذلك اعتمادا على مجموعة من الضوابط والتقاليد، من خلال تجربتها وخبراتها الحياتية فهي مدركة تماما أن لكل عصر رجالته، مستخدمة أسلوب الإقناع والتبرير أو الثواب والعقاب… فهذه الأسرة تجمع بين مزايا التربية الصارمة المتساهلة، تؤمن بأن طفلها أرقى من أي إنجاز، فهي تعطي للطفل حرية بحدود أي حرية مقيدة.

الاعتدال في التربية.

في خضم الوثيرة المتسارعة لحياتنا اليومية، والتطور الغير معقول لمواقع التواصل الاجتماعي، إذ يمكن اعتبار بعضها بمثابة حاوية للقمامة، ينبغي أن تكون هناك وسطية في التعامل مع أطفالنا، بإعطاء الأمانة حقها في الرعاية والاهتمام وكذا التوجيه والارشاد، مع تجنب الغلو و التساهل، لا سيما و أن هناك بعض التصرفات تستلزم الصرامة والحزم، لأن ترك الأطفال على سجيتهم قد يؤدي إلى ضياعهم أحيانا، إذ هناك بعض التصرفات تستدعي اللين و التسامح و تنبيههم، خاصة أن هناك بعض الأطفال العنيدين يصعب التواصل معهم، فهم يعبرون عن داتهم بالصراخ، ينبغي تعليمهم طرق أكثر سلمية وهدوء للتنفيس عن غضبهم، وتجدر الإشارة أن هناك مدرسة كندية ألغت مناهج التعليم وركزت على مهارة الحياة.

فالتربية تختلف باختلاف الزمن ومن جيل لآخر، خاصة أن أطفالنا أمانة سنحاسب عليها في الدنيا قبل الآخرة، ينبغي الاهتمام بها ورعايتها بتنشئة جيل قادر على البذل والعطاء، و تكوين علاقات اجتماعية سليمة مشبعة بالقيم السمحة والمبادئ العليا، جيل يستطيع التمييز بين الحلال والحرام، الطيب والفاسد … محرزا بذلك التقدم الاجتماعي والاقتصادي والعلمي والإنساني… بذلك يمكن القول أن التربية الصالحة قد حافظت على الأمانة.

               الأستاذة : أمينة بنالعلوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى