الرئيسية

هند بومديان تكتب…وراء الكواليس ميلاد حزين

المغرب تحت المجهر

من الصعب نزع القناع لعابرة سبيل  نهمة للضياع، تحاول نسج حروف و كلمات لا تغلق للذكرى باب ، بل  تبتسم و صرير الفجر يذبحها على همس الرباب …

ربما، أنا ككل عام أشعر بالكثير من الضوضاء الداخلية  ، ف تنتشي روحي و تبتسم رغم كل هذا الشتات ، لكنني صدقا  أدمنت أفيون قصائدي  ، و في حنايا نفسي كل البعثرة ، و  في أفكاري  أشعر بشيء ما يدغدغ ذاكرتي  ، ف أتقمص دور الشاردة ، و أمتطي صهوة حروفي ، لأشعر ب حالة من الهذيان تخطفني من الكواليس ، قاب أمنيتين من ذاتي   ، وتسيطر على كل كياني .

– فكيف أبدو في حضرة الغياب ؟

 إن ساد مثلا موكب الصمت ، و سارت الشمس خلفي تخطف الظلال ، و ذاك الضوء الذي يتسلل من بين شقوق العمر .

–  كيف أغدو فعلا بدون ذاكرة ؟

 و أنا أقبل جبين مولدي بكلمات تخرج من روحي ، لتعانق الحروف على سطور القدر ، و تعبر بذاكرتي أطيافا بعيدة .

فعلا تمت شعور خفي بداخلي ، تتلامس فيه المشاعر المؤلمة و المرهقة  ، ل تبعث بعضا من الراحة  و تترك المحطات مفتوحة في كل مكان كلما اقترب التعب و استحال  البقاء ، لأترك جزءا مني أاحتاجه و يحتاجني بعمق على ضفاف الوداع ، يشطرني صوتي فأهجع في بلاط  ذاكرتي  لأنتظر اللحظات ، و أدون على صفحات العمر بضع حروف خلقت من روحي لتنبض على الورق ، كجزء مني ولكن كثيرا ما اكتشف ب أن ما أكتب هو مزيج من كل شيء ماض بعيد يسكنني ، وحاضر قد يأتي ليمطرني بعطر الصباح فيزهر في قلبي الياسمين ، و تتمادي في صمت رغبة مني في إدراك كل الأمور التي تدور  حولي ، ف أكتشف من جديد ملامح ضياعي ، و حدود هذياني  ، و كلي حاجة لبعض الوقت …  نعم انه بعض الوقت ، أعبر من خلاله تلك البوابة التي تفصلني بيني و بيني ، ربما بين ذاتي و روحي، فكلاهما أنا , و أنا بحاجة لأن أصبح  منفصلة عني  حتى أعاود من جديد الكتابة ، فلا شيء يشعرني بذاك المذاق الذي كان بذاكرتي ، سواء ذهبت منه إلي أو التزمت السكون ، فعلا لاشيء  يمنحني  كمال الشعور الذي بت أنساه إلا حضوري من ذاك الغياب ، و جفني الذي يسابق النعاس في انتظار حلم جديد .

و حين التقيني ،  أعانقني ، و اغني فوق خصر ذاكرتي  ترانيم غجرية ، لتثاءب مآقي لهفتي ، و تتسع خطى عتمتي الهاربة ، فأرتشفَ الهدوء من ثغر التجلّي ، و أتمرد في فضاء عذب يسكبني خمرا معتقا في فناجين قدري .

لكن اقسم أنه لم يسكرني مثلما يثمل السكارى حد الجنون ، و الغباء ، و البكاء .

اسكب النور ليعبر ذاكرة المكان دون تأشيرة أو سؤال ، وعلى أغصان الروح تشهق غمامتي الحبلى بالتعب ، تقتفي أثار ظلي الكسيح ، و تخبرني أنه حين التقينا كان بحدقي ألم و حسرة يلملم تمتمات الليل حين يصافح حلمي ، ف اخفضي نورك أيتها الشمس حتى لا تحترق أجنحة قصيدي ، عساني أحبو و إياها في جحيمك نرتجي شتاء الأماني حين نلتقيك .

يا الله ، مرت سنين العمر مسرعة ب حلوها و مرها ، سمانها و عجافها ، و مازالت أنفاسي تهدج كلما اقترب تاريخ نبوءة أحلامي ، و موعد رحيل الأيام  ، و دائما هناك شيء ينقصني و لا يكتمل للنهاية ، حد الوجع ، فكل شيء مؤجل ، ومؤقت في ذات الوقت .

و  أنا أين أنا ؟

ربما  تراكمت بلا ترتيب بداخلي ،وعندما أردت إطلاق سراحي  رفضت الخروج إلى الحياة ، فأنا مازلت أشعر بنبضات قلبي متسارعة ، وبتلك القطرات الباردة التي تنساب على جبيني ، و أنا استرق النظر من رحم الحياة  ، و كل من حولي  يريدون قول الكثير من الأشياء ولكنهم عجزوا عن التعبير حينما رأوا ابتسامتي ، ل أكتشف بأنني غريبة الأطوار  ، أتجول في ذكرياتي وحيدة ، و لا أدرك كل ما حولي ، ولكنني اعجز عن التواصل مع ذات وحدها تتدحرج دون إياب ، ربما يكون للقاء نصيب و إن كان فلا فرق إن تاهت معالمنا على مر السنين ، و تبدلت ملامحنا ، و سكننا الغياب بعد طول صراع مع الأيام ،  فعلا فر منا الزمان و أصبحنا بلا وطن بلا تاريخ بلا هوية .

أنا  مٓا بينّٓ هنا وهناك وهنالك أبحث عني عن أنفاسي الضائعة ، عن حكايات شتاتي أفتش بصمت ، فالمساحات كبيرة ، و أنا التائهة بحزني الدفين ، و كل الأبواب التي أوصدتها على نفسي ، و ذاتي مغلقة ، و  أقفالها ضائعة لا صوت فيها سوى صدى الرحيل ، يتردد همسه على مسامعي فترسم مدامعي السلام على ملامح كل عيد .

أتسول أنفاسي بعمق ، و ألامس تفاصيلي ، و قد التحفت أوراقي  ، لأعلق على جدراني ” راحلة ”   قلبت   صفحات الأحلام  ، و تواريخ الميلاد ، علها تستطيع  تجاوز العتاب  ، لكنها خلف الرحيل لم تترك النسيان يلملم شتاته ، بل حملت بين حنايا روحها أجزاء متناثرة مني ، و مشاعر مبعثرة وأشياء أفقدُ معها لذة الحياة  ، وحلاوة السنين ، فيسكن أعماقي مزيج من فرح منقوص ، و مشاعر آثمة لا يفهمها إلا من ذاق مرارة البعد و القرب من ذاته  في أن واحد ، و كومة أمال كان نبض خافقها  سراب ، يستجمع بعضه الملقى على عتبات الأرصفة ، و يمشي كالشمس محملا ب أعباء قابعة في جسدي ، تريد الخروج  إلى ذاك المتسع ، لتتجول و ترى الكون و أبعاده و همجيته بداخلي .

فعلا أردت الخروج ، و أي خروج هذا و أنا التي طالما تركني الزمن على أبوابه غريبة استجدي الأمان ، و إن حدث وولجت إليه تحوطني  الغربة من كل مكان ، انه فعلا الحلم الذي يناديني , فألبى له النداء … 

أمممم  ، 

– أليس لنا في ذاكرتنا وجوه ؟

 – أليس لنا فيها بعض منا نتركه حين نرحل فيستقبلنا به العمر  حين نعود ؟ 

– ترانا نرحل ونحن على يقين بأننا سنعود ؟

– أم أننا نرحل ونحن نعلم جيدا بأنه لن يكون لنا هاهنا مكان نعود إليه  ذات يوم ؟

افقد ذاتي بذاتي ، فيوهج الضياع قلبي، و يجتاح روحي ، ف أكتب على شهادة ميلادي ضائعة ، لم تتدارك أوقاتها  ، و كل ما تنتظره ،و تأمله ، هو امتطاء الركب و اللحاق بمن رحلوا على عجل.

ل ربما هول مأساتي  والجراحات المثقلة بالغموض ، ك أوراقي ، أو ك بارقة أمل تتملكني ، ف أرسم عليها  أطياف حضور مشتت ، و سنوات ضياع  بين ذكريات  تحملها ملامح  قلب حزين ،  و يرسمها عقل شارد لتشعل فتيل التفاؤل ، فلا أفتش فيه عن تلك الأوراق المطوية ، و الأحلام المتناثرة في مخيلة  الأيام ، لا أبحث فيه عن بقايا أمنيات ، كلما دأبت بالصراخ انظر للمرأة ، ف أرى ما لا يرى فيني ، ملامح تائهة حزينة ، و أنثى تتجول في أرجاء الذاكرة ، بحثا عنها بين طيات السنين ، و كأن التعب انطوى   ليختلج صدرها ، و يحمل وزرها ، و بين أيام زمنها تحاول عبثا البحث عن ماض بعيد يتسكع  بين أزقة النوم المتقطع ، فتتجول بين سطوره وعود قيد النسيان ، و في ليلة كان عنوانها الصخب داخل ذات  قد رحلت هي ، و لم  تترك من أثرها على أرفف الزمان غير بقايا ، تنطبع على ملامح شاخت ، و هي تتقن الهدوء ، و الضجيج سيدها ، و  كلما لامسها الورق تستعيد بريقها للحظات ضبابية المعنى. 

في غمرة الندم أنسى كل ما قيل ، و أغلق على روحي أبواب النسيان، و انظر إلى سماء المستحيل ، لأراني نجمة من دون الأنجم أدور حول نفسي في فلك التيه العظيم ، يتهاوى حلمي ، و هتف قدري ، عساه يعيد البسمة المفقودة لملامح أتلفها الدهر . 

هلا اتكأت برهة على صمتي ، لأقول ما سأقول بعقل مشوش ، فهناك أحجية بداخلي علي فك أسرارها ،  أتساءل جهرا و علانية …

– ترى هل أنا فعلا حقيقة أم وجود مبتذل ؟

 تم  أتوارى عن عيون الحياة ، استحضر ما لدي من قصص السعادة ، و التعاسة ، من الفرح ، و الحزن على حد سواء ، و كيف أحيا بداخلي ، و أنا لا اعرف من أكون ، دون أن أعرف هويتي ،  و عنواني ، و سر هذياني في أيامي الدرامية .

س أخبركم كل سنة عني عيد ميلادي ، و عن تعبي الذي يصاحبني في صحوتي و منامي ، و كيف  أعاتب روحي لأبحث بداخلي عن ذاك الحنين الرابض ب أعماقي ،  س أخبركم كيف تباغتني السنين و أنا أتجاهل حلمي تارة ، و تارة أخرى اركض في ممرات التعب  و أنا ارتدي اللامبالاة .

تبا ، ف وراء الكواليس ذاك الميلاد الحزين و كفى …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى