الرئيسية

امرأة الفصول

المغرب تحت المجهر…بقلم هند بومديان 

يا سيدي..! 

كنت أنتظر المطر كي يطرق أبواب روحي ، فغفت حواسي على كتف الأقدار ، لترقد ألف حكاية و حكاية في صدري ، و أنا نرجسة متمردة ،  امتطت صهوة الحنين في جب الحب ، و أدليت دلوي علني أسقي عطش الأحداق .

تسلقت لوهلة كثبان الحب و الولاء ،  و غرست عنوة فوق رمس الشوق موعدا ، تقتات على بقاياه أحاديثي المهترئة ،  و أهازيج العشاق.

و رأيتني أخجل من هذا البوح ،  ف أغتسل برماد الحنين من رائحة الدحنون ، و همس الصباح ، ل ترتجف الكلمات بين أضلعي ،  و ربما تنبت قرنفلة في تلك النافذة المتكئة على نبضي ،  فتغفو مرارا أمسيات تناست تاريخ ميلاد الأشواق ،  كيف لا و قد أصبحت بليدة الحس و عقيمة الشعور .

تتلاشى الحروف في مقامي ،  مثل توليبة للتو أفاقت من حلم على نوافذ الضياع ، و لكن البشرى كانت رحيل ذاك الضوء الخافت المتسربل في تراتيلي القديمة ،  القابع في الأعماق .

 أضمها بذراعي غنجا ،  و أربت على السكون بشهقات عساني أجهض حديث الصمت ،  ففيها الحنين يستيقظ من صخب طيف حروفه ،  حب و رذاذ عشق ،  و ألاف الحكايات ، فيضيء سنى الأفق بيني و بينه مساحة كف ،  و شوق  ، يحجب نوره عني ، و عن عبير عطره المسافر إلي كشذرات حلم  ، يلتف حوله كالغمام  فيرصد ضحكات ، و دمعات ذاك العمر اليتيم المشتاق ،  أحاول مرارا الخروج من عقدات نبضي الشريد على شواطئ المساء .

فما عساي أقول ؟

و كيف أفصح عن مشاعري تجاه روحي ؟

 و أنا لا أملك إلا أن أقول انك لو انتبهت قليلا ،  لرأيتني أنثى القمر،  أحيطني بسياج من أمل ،  و أنا بحضرة الغيم مثل طيور تشرين التي حملت في حقائب وجدانها سنابل القدر،

و على وسادة الذكرى أغمض عيني ،  ليطرق المطر عتباتي ،  و تزهر الخزامى تحت خطاي ،  ف أغادر أزقة الذاكرة بعد ان نستمح العمر عذرا على حماقات ،  كتبناها على ورقة جف ريقها ،  حتى صارت تلثمنا الكلمات ، و تعانقنا الحروف ،  ويجوب عطرها في حنايا المخيلة ،  تسابق الريح و ترتب موعدا يجمعنا ، ربما تمطر أحلامنا أو ينبثق القدر لنا بلقاء بين جدائل الدجى .

و إن كان ؟

فلتكن تلك الريح قافية حكايتنا في نهاية كل طريق ،  حبرها من قارورات عطرك و أنا التي تغار عليك من الأحلام ،  و من خزائن الأيام ،  و من لهفة الفرح في صدري ، و من رمية حجر بين يدي الأبجدية .

ف دعني وقهوتي وبقايا حروفي الشاردة ،

كثيرا ما انتظرت قدومك  متشحة بشال صبر ،  يعج بالحنين للقاء سنابل كثيرا ما  أتقنت لغة الحوار ،  و بلغة ذاك الصمت العالق في ذاكرة القصيد ، فأكتب لك لتقرأ حكايات شهرزاد ،  و ألف ليلة و ليلة من السهاد و العناد .

أدون بمشاعري الرثة ،  و  ثوبي الممزق أسرارها ،  و أتمايل على ألحان رقصتي الأخيرة  ، فترزح الأشواق تحت كثبان الأمل على عجل ،  يخدعني  حينها صعود الليل على أصابعي  ، و يرسم لي الأكاذيب الموصوفة  على ضواحي هذه الكلمات .

حينها يهيئ لنا الصباح   ألف سؤال وسؤال ،  يشاطرني و إياه  بحة أشواقي فتغتالني رسائلي المذهولة بك ، و تلتصق بأقبية ذاكرتي عشية أشواق ، فتعزف لي موسيقى حزينة كانت في يوم حفيدة الطرقات ،  و النوافذ ، و الشرفات ، و الجداول ، و الغصون المتشابكة على طول ممشاي .

مازلت كلما بحثت عنك مررت مسرعة بذاتي ،  لتمطرني وابلا من الأرق ،  و فرحة هائمة ، حيث رأيتك أول مرة ،   ليسكن مقلي نوم عميق ، و أنا أحدث حرفي و أسلي نفسي بحكايات شاردة من حضن الدوح .

عساني ،  أرسم بسماتي على بُرنس الشوق ، و ما أبدعك يا صولجانا تاه عبر الأزمان ،  و دون ما لم يكن يوما بالحسبان ، وإني خشيت أن تأخذ مقامي وتحل مكاني بغير حق و من دون عنوان ، و ان تتسنم الصوالة فأسمع الهمس يلاحق مدن الضباب ، ك نور الفجر لأؤنس روحي بعبق الخزامى ،  و أخبأ له زخات الروح ،  و نايات السحر ،  و توقظ حنينا مضخما بالعطر ،  و محرابا شطآنه سلام في سلام .

فسلام لملامح ذاك  البياض  الذي يسكنني ،  وسلام لشمس اغمضت عينيها لتطو أوراق الضجر ، و دهرا من الانتظار ، ترسم اسماً باللآلئ على جبين العمر لتتكحل الجفون ،  و تأبى الانكسار ، و تسائل القمر ببكاء ليل يسندها في ساعات الشروق ، و يدخل مدن الغيم ليقطر الندى ببكاء ليل ،  يستحق التراب ، و الزهر ليرش العطر على نوافذه المتعبة .

و كم من الصور المغروسة في جب الإحساس ،  و في كف من ريحان تدغدغ الروح ، و تسكن المقل ب اهازيج أندلسية ، ل تحتضن سلاف القوافي  في أحلام متشعبة ، تطفو على سطح ذهني المتلاطم بالأفكار بين الحين والحين ، و لا أدري هل تولد أمنيات من الخلوة مع النفس ،  فتضيء شموع الصمت ،  و لهيب الوجدان وراء الثرى ، و الرؤى بعد طول ليل لتكتب ألاف الرسائل ، و ينساب الفراش ، و همهمات ترن خطاها على حواف الحلم ، فتقتات من عطره و من عزفه قيثارة الزمن .

ينكسر زجاج اللغة في آخر الكلمات ،  ف تقرأ في كفي النهار آلاف المرات قميص سطور ممزقة تسربلته ،  و قَدْ قُدَّ من قبل أو من دبر  فتغفو على زند النهار ،  امرأة جل حجرات خافقها مطلية بالحيرة ، و الأرق و فوق أضلعها تغفو الخزامى كل مساء ، عساها تقبض على ناصية الأحلام ، و تحادث في سرها دهشتها و هذيانها الذي يحف المآقي ،  و من خوف سحائبها تهوي على الأرض تشارين شريدة ،  فينبلج على غيم الروح و من اقصى الحنين .

ليمطر الضوء ظلالا من عتمته و لست أدري من أي زمن قدمت حين هجرنا إلى منافيه البعيدة ربما كان شفقا في حجر ساقية أو نقشا إغريقيا في ليلة ماطرة، لتظل إمرأة شاردة تشحد السيف لتقطع تقويما كانت تلون ذكرياته بالحصى و الرمل .

فراقصيني يا ذات الرداء المخملي على جيد الشباك و شاركيني العزف على ناي من حرير لنجعل تلك الجدارية الثكلى ملأى بالحروف المخملية  و في أركانها وجوه مبهمة تكره اللقاء بالغرباء ليتقاطر من ثناياها دمع و عقيق و غضب و ينبت على جسدها المخملي دمعات طل تحدرت عليها ذات يوم ف انفجر من روحها امرأة و أفلاك .

كثيرا ما تهمس بوشوشة الصمت في أذن الفراغ تبا و كفى حين يمشط الصمت جدائل الفرح فتغزو عنان أحلامها و تاخد وعدا مبهما الى حيث لا تدري ربما تجد شكيمتها ف ترمي أشواقها بيدها و كم كانت ناعمة الملمس تلك الروح و هي تغادر السراب .

آآه كم يوجعني رحيلي من ذاتك   ، وفراري من خيوط الحكاية  ، و كم تقبض على فمي فراشات سكوتي  ، ليكن حلمي الذي يخرجني من أحلامي   ، و سطوة الليل إلى زفير اللحظات  ، ما قبل العشق  ،  و عشقي لأجلك بعث لحياتي .

كذبت الذكرى  و لنستمح العشق و الأمل  وأوراق الحلم والوعود والأقدار  عذرا .

أدخلني إلى نور قلبك لأنتظر الرشفة الأولى من الحلم وخذ من عطر أشواقي تسربل ضياعي إلى جسدي  ، واسكبه على وجعك لترقد بردا وسلاما .

أه يا قدري!! 

لو أنك انتبهت قليلا لهروبي لترى كيف يتكوم العشق في دمي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى