الرئيسية

التربية الإيجابية

 

المغرب تحت المجهر…. الاستاذة امينة بنالعلوي

         التربية الجيدة … صدقة جارية

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من صدقة جارية، وعمل ينتفع به وولد صالح يدعو له “

              رواه مسلم

فتربية الأبناء وجه من أوجه الصدقة الجارية، لأن تربيتك له تؤثر فيه وبه، وبالتالي تنتقل من جيل لآخر، رغم أن بعض الآباء يكرهون الأسلوب الذي تربوا به، تجدهم يربون أبناءهم بنفس الطريقة اعتقادا منهم أنها الطريقة المثلى للتربية الجيدة وهذا خطأ كبير.

لأن  لكل عصر رجالته ولكل وقت آذان، لهذا ينبغي على الآباء أن يبدعوا في تربية أبنائهم، رغم كون الهدف واحد – تنشئة إنسان – ذو أخلاق ومسؤولية يعرف ما له وما عليه؛ لكن ينبغي اتباع أساليب ومهارات تتماشى و تغيرات عصرهم، خاصة أن التربية تحتاج للحكمة والصبر ورحابة الصدر، هذه الأخيرة التي صرنا نفتقدها بسبب ضغوطات الحياة اليومية، فجميع الناس لهم نوع من القدرة والكفاءة في تربية الأطفال، وحتى إن لم تكن لديهم يمكنهم تعلم ذلك من خلال محاكاتهم للعائلة أو الأصدقاء، أو البحث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بل أكثر من ذلك صار بإمكان البعض القيام بدورات تكوينية في بعض المراكز هدفها التدريب على كيفية تربية الأبناء.

التربية بالحب والعاطفة:

للحب تأثير كبير على سلوكيات الأبناء، خاصة إذا تم تطبيقه بشكل إيجابي، فهو حاجة من الحاجيات التي يحتاجها الأطفال كالطعام والشراب….

نعم أبناؤنا بحاجة للحب، وهذه الحاجة لا ينبغي أن يتم تركيزها من طرف الأم، بل دورها الكامل حين تكون صادرة من الوالدين معا، فالحب حاجة من الحاجات النفسية التي لها سحر كبير على تربية الأبناء، فحب الوالدين فطري للأبناء، ولا ينتظر منه أي مصلحة أو نتيجة، فهو حب حقيقي هدفه مصلحة الطفل، وهذا ما ينبغي على بعض الأبناء معرفته فخوف آبائهم عليهم ما هو الا نتيجة حبهم لهم، وقد يستدعي أحيانا التضحية بأنفسهم لأجل أطفالهم، فهو بعيد كل البعد عن حب المصلحة أو الحب النرجسي الذي يتبعه دائما المن،كأن يقول الأب أو تقول الأم لابنها ربيتك وحرمت نفسي من كذا وكذا … أو قدمت لك كذا و كذا … إلخ.

فأبناؤنا بحاجة لسماع كلمات الحب منا و رؤيتها أفعالا وتصرفات على أرض الواقع، فلمسة حنان على الرأس أو على الكتف لها تأثير كبير على الطفل، وكذا ضمة على الصدر أو قبلة على الجبين تجعله يشعر بالدفء والود والارتياح والطمأنينة فالحب لا يعني التغاضي عن الأخطاء، أو الأفعال والسلوكيات الغير مقبولة.

 التربية بالحزم:

الحزم أسلوب من أساليب التربية الكثيرة، المتنوعة والمختلفة التي يتبعها بعض الآباء.

وهذا لا يعني أنهم لا يحبون أطفالهم، لكنهم اختاروا هذا الأسلوب أو هذه الطريقة لأنها من وجهة نظرهم الأكثر نجاعة لتربية أبنائهم، فالأب أو الأم عندما تكون حازمة مع ابنها في بعض الأمور فهذا لا يعني أنها لا تحبه، كما لا يعني أنها أم سيئة، بل هناك بعض المواقف والظروف يكون الحزم سيد الموقف وإيجابياته أكثر من سلبياته، فحب الآباء لأبنائهم وخوفهم عليهم هو الذي دفعهم لاتباع أسلوب الحزم معهم.

فالصرامة والحزم تجعل من الطفل منضبطا في كثير من جوانب شخصيته و أمور حياته اليومية، فالحزم ينبغي مقارنته بالحب والحنان بطبيعة الحال.

الحزم في تربية الأبناء يعطيهم ثقة   أكبر في النفس و يجعلهم اجتماعين  أكثر ، و كذا يجعلهم من ذوي الأخلاق النبيلة و القيم الحميدة…

وبالتالي يمكن القول أن التربية استثمار ديني و دنيوي للأبناء، لذا قلنا أن التربية صدقة جارية، فتربية الأبناء على القيم الدينية السمحة، والمبادئ الإنسانية السامية في ظل الفوضى و تأثير الألعاب الإلكترونية التي اكتسحت حياتنا بشتى الوسائل و الأوجه أمر لا يتأتى إلا بالحزم، قال تعالى في كتابه العزيز سورة الأحقاف الآية ١٥ ” و أصلح لي في ذريتي إني تبت إليك و إني من المسلمين”

فالمزج بين الحب والحنان والانضباط و الحزم بعيدا عن التذليل و العنف من أساليب التربية الناجحة.

لذلك يتوجب على الآباء أن يمسكوا العصا من الوسط، دون مزايدة أو نقصان، وتهيء بيئة آمنة مناسبة لتربية جيدة.

التربية بالقدوة:

على الآباء أن يحرصوا في تربية أبنائهم بالقدوة كل الحرص و مراقبة تصرفاتهم، لأنهم الأنموذج الأول الذي يقتدون به.

وتجدر الإشارة إلا أنه ينبغي التمييز بين القدوة والمقارنة( كأن تقول لابنك انظر لابن فلان فعل كذا وكذا )فلكل واحد له قدرات تختلف عن الآخر، فالأب الذي يعلم ابنه الصلاة يثاب على صلاته كما يثاب هو، وعندما يتزوج يعلم أولاده وبالتالي هذا وجه من أوجه الصدقة الجارية، فالأب عندما يحسن معاملة الآخر بغض النظر عن جنسه ولونه ودينه ومستواه المعيشي أو الثقافي فالابن يقتدي، به وهناك من يتعلم من ابيه التدخين، أو ترديد بعض الألفاظ والسلوكيات القبيحة، فإن له من السيئات والإثم ما لابنه وهكذا…

لذلك ينبغي لكل منا أن يحافظ على رعيته، ولقد عاتب أحدهم ولده على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيرا فعققتك كبيرا، و أضعتني وليدا فأضعتك شيخا.

فبتربية أبنائك تساهم في تنشئة جيل صالح، يصلح المجتمع بصلاحه، فالآباء عندما يعرفون أبناءهم بالأخطاء الشائعة التي تشكل خطرا على حياتهم من أقوال وأفعال، و يتبعوهم بالتوجيه و التصويب، لتحصينهم من الأفكار  الهدامة، والاستماع لهم  ومجالستهم لمعرفة مواهبهم والعمل على تنميتها يزينون صدقتهم.

فالتربية بالحب والحزم والقدوة…

من الركائز الأساسية لراحة الذهن، رغم. مشقتها فهي تريح الوالدين من مشاهد حياتنا اليومية التي صارت تتكرر باستمرار  كالقتل والسب وطرد الأبوين للشارع…

فالتربية  الجيدة صدقة جارية، فمن ربى ابناءه على الخير والصلاح ينتفع بذلك حتى بعد مماته، قال تعالى ” وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا” سورة الأحقاف الآية ٢٤.

       الأستاذة: أمينة بنالعلوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى