الرئيسية

بغيت الناس يحبوني… يعرفوني… كيف ندير؟”

بقلم سدي علي ماءالعينين ،يناير2022(المقال 01) 

بدأت سنة 2022 ،بإبتلاء من الخالق، فوجدتني السنة طريح الفراش مصابا بمرض عرضي،

عندما تعافيت خرجت إلى الناس، اصافح واجالس واناقش واتواصل عن قرب أو بعد،

في خضم نقاشاتي وحواراتي سألني عابر في حياتي العابرة :

كيف نجعل الناس يحبونا؟ ويعرفونا؟ ويُسَخَرون لنا؟

هذا العابر كان يعبر عن إعجابه بما راكمته في تقديره من “شهرة” و معارف وعلاقات،

هذه الأسئلة الثلاثة المركبة هي التي اوحت لي بكتابة اول مقال بسنة 2022:

اتفهم حرص كثير من الناس للبحث عن محبة الناس، فتلك غريزة كل الكائنات، كما أتفهم سعي الناس لإرضاء الناس رغم علمهم باليقين ان إرضاء الناس غاية لا تدرك.

كما مرت علي مشاهد من الحياة لناس كل همهم إرضاء أنفسهم رغم علمهم بتقلبات النفس،

و آخرون يرون في الوجود معركة معلنة من المهد إلى اللحد فتجدهم يعتبرون كل ما يحيط بهم، وضعهم الله في طريقهم كي يسخرهم لما هم إليه طامحون،

كلام يجرنا جرا إلى النفس البشرية التي تجعل الواحد منا يزهو بلباس أو تسريحة شعر او سيارة أو أي شيئ من متاع الدنيا، فيقف أمام المرآة مبهوا بطلعته وهندامه و جسده، شاكرا العلم الذي لم يصل بعد أن يجعل المرآة تظهر بواطن الجسد والنفس الامارة بالسوء،

ناسيا ان الكرة الأرضية ليست سوى كوكبا بين ملايين المجرات في هذا الكون الفسيح، 

حتى انك في غفلة من نفسك وروحك تكتشف انك نادرا ما تتطلع للسماء، حيث تلهيك أمور الأرض عن رفع عينيك لترى قمرا جميلا أو نجما ساطعا أو سمشا حارقة،

وكأني بمن لا تستهويه رؤية السماء كالدجاج الذي يظل منحني الرأس ينقر الأرض بحتا عن لقمة،

و آخرون يحلقون في السماء كالنسر، لكن يتغافلون ان النسر موضعه الاعالي وينظر إلى الأرض حيث فريسته،

كي يحبك الناس لابد لك من تأشيرة الدخول إلى القلوب، و هي تأشيرة قنصلها هو  الخالق، فكلما جعلته يحبك و طلب تأشيرتك عنده مستجابة كلما منحك حق السفر إلى كل قلوب البشرية،

فلن يحبك احد بصدق مالم تحب الله بصدق وإيمان،

ولأن الحب ليس نوايا، فإن عملك كلما قربك من خالقك، كلما سخر لك عباده في طريقك،

واجمل ما في الصلاة انها تجمع بين النظر الى السماء إبتهالا و ملامسة الأرض سجودا و بين السماء والأرض ركعة في المنتصف،

وكي يعرفك الناس فليس بمقدورك ان يعرفك كل الناس، كما ليس بإمكانك ان تصل إلى كل الناس، ومن يعرفونك، أو جعلتهم يعرفونك، فالمعرفة تحددها أفعالك، وترسم ملامحها سلوكاتك، و تنبني عليها إنطباعات الناس و احكامهم عليك بالسلب أو الإيجاب،

اما كيف يسخر الله الناس لك، فإن كان طريقك طريق خير سخر لك الخيرين، وإن كان طريقك سوء سخر لك السيئين،

ولأن هناك شيطان يغري النفوس الضعيفة فستجده متربصا بك يدعمك في شرك و يعرقل لك خيرك، وهو إمتحان وإبتلاء ،

ولأن الله رحمان رحيم، فإن سلكت طريق الشر  يسخر في طريقك من يعيدك إلى رشدك، وإن سلكت طريق الخير يسخر لك من يحصنك من شرور طريقك.

هنا تبرز الحكمة الربانية في انك كلما أحببته احب الناس فيك، وكلما تعرفت إليه عرفك الخير من الشر، وكلما  سخرت ما وهبك من قدرات لخدمة كونه ومخلوقاته زادك قدرة وطاقة ومدد في عمرك.

تذكر فقط أن الحياة ليست سباق ركض سريع للوصول إلى خط النهاية، بل هي ركض للوصول إلى خط البداية، لأنك عندما تدرك ان خط الوصول هو خط البداية ستدرك ان الموت إذا كان هو النهاية كما يشاع، فإن الحقيقة انه البداية لعالم آخر لا تحتاج فيه لمحبة احد، ولن يعرفك فيه احد، و لن يسخرك الله لاحد ولا يسخر لك أحد،

أحبوا الله تمتلكون مفاتيح الكون و تحصلون على تأشيرة عالم ما بعد خط الوصول،

فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى