الرئيسية

بلا مساحيق

 

المغرب تحت المجهر….د/الحسين بكار السباعي

الثامن من مارس لا شيء يعلو فوق ثاء التأنيث ، كيف ولا هي الأم ، الزوجة ، الابنة… كل شيء في هذه الدنيا يعيدنا للمرأة ، حيث يبرز طابعها في حياتنا كلما كبرنا ، فنتذكر دورها ليس فقط في تربيتنا ، ولكن أيضا في وقوفها الى حانبنا . 

تختلف المجتمعات وتتنوع القوانين، ويبقى الإجماع على أن المرأة نصف المجتمع ، وكثيرا ما ندعو للمناصفة وللمواساة ، وصون  حقوق المرأة ، لكن قليلا ما نتذكر وضعيتها الاجتماعية ، نساء مطلقات يكافحن غذر الزمان في تحمل أعباء الحياة ، في الضيعات الفلاحية ، حيث يواجهن خطر حرب الطرق ، و التحرش الجنسي  وحوادث الشغل في  غياب الضمان الاجتماعي ، في الوظائف العومية والمهن الحرة ، حيث لا تتخلى السيدات عن واجبهن المنزلي ، حين يعدن متعبات يحضن أولادهن ، ويضحكن رغم التعب.

في القرية لا تجد المرأة الكثير من الوقت للمطالبة بحقوقها ، فهي مهتمة أكثر في الكد من أجل لقمة الخبز الحافي   ، نعم لازالت النساء في دواوير مغربنا العميق  يزرعن ويحصدن ، يذهبن بحثا عن الحطب، وتعدن قبل عودة الزوج من العمل هذا ان لم يكن مهاجرا داخل وطنه تاركا كل الحمل الثقيل لتلك الفلاحة التي تجمع بين تربية الأبناء وتحمل كل الأعباء  .

في هذه الدواوير كل شيء بعيد، المياه ، الطر ق و المدرسة ، وفي هذا الصدد لابد من التذكير أن المرأة القروية لازالت محرومة من التعليم، حيث ينخر الهدر المدرسي مجتمعهن، لا تتاح لهن الفرصة، حين تستسلم لفرصة زواج والقاصرات منهن الذي لم تمنعه القاعدة القانونية بعد ، زواج مبكر في أمل وحلم لتخطي ظروف الحياة القاسية .

 ونحن نحتفل بعيدهن يلزمنا الكثير من العمل لإنهاء الكثير من المعاناة، و الكثير من مشاهد البرد التي تواجه عائلتهن ، عن العزلة ، وعن هول الأخطار.

لكن قد لا تكون كل هذه الظروف سببا وحيدا في عدم تقدم المرأة، بل أيضا في المجتمع الذكوري ، حينما يحرمن من العيش الكريم ، حينما تُهان المرأة، وينظر اليها كآلة للولادة وانتاج الأبناء ، و حتى في وسائل الاعلام، و في المقاهي، في مناطق البيع،  ييستعملن كوسيلة للجدب والإثارة وتسويق المنتوج  أو جلب الزبناء .

 رغم ظهور المرأة في المجتمع المغربي مقتحمة مجالات شتى ظلت الى وقت قريب مرتبطة بالرجل، ذلك أن  نظرة المجتمع اليها لا تتغير ، و غالبا ما تقترن ب”الحكرة” بالجنس وأشياء أخرى ، إنها الصورة الذهنية والنمطية ، التي لم تستطع كل برامج التعليم تجاوزها ، على مر جل  الاصلاحات . 

في عالم الانتخابات لا تزال النساء في موضع اللوائح الاضافية ، فيطغى الرجل على  أس اللوائح الإنتخابات، وتبوء المناصب “السامية”، لذلك لازلنا نتساءل عن  معايير مشاركة المرأة في الحياة السياسة، الذي لا من المفترض أن يعطي المزيد من الجرأة، لمواجهة كل الصور السلبية الماسة بالحق في المساواة والمناصفة .

في الثامن من كل مارس، لا يكفي أن نهدي وردة لكي سيدتي ، ولا تكفي كل التهاني ، لابد من التعبئة، من التثقيف ، من أجل احترام المرأة نصف المجتمع له حقوقه الكاملة، ولابد من انتاج سياسات منصفة في هذا الصدد، والاهتمام بالمرأة القروية، ورفع العزلة عنها وانصاف كل النساء ، سياسات بلا مساحيق زائفة.

ذ / الحسين بكار السباعي 

محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى