الرئيسية

أوجه الفساد الثلاثة في الحكايات الثلاثة ،

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ، أكادير يناير 2023.مقال (02).

ثلاث حكايات في واحدة ، وفي ازمنة متباينة واسلوب مختلف ،ونتيحة واحدة : فساد المسؤول من فساد الشعب، وفساد الشعب من فساد المسؤول، وفي كل الاحوال فالراعي المسؤول  خرج من صلب الرعية …

الحكاية الأولى :

قرية صغيرة بمكان ما بهذا العالم ، وتحديدا هذا الوطن ، رجل يتجول بحديقة ،فيلمح خلف الاشجار رجلا يمارس الفاحشة على طفل صغير لم يتجاوز الرابعة عشر ، 

أخرج الرجل هاتفه و سجل تفاصيل اللحظة و غادر المكان تاركا الفتى تحت رحمة الرجل .

عاد المصور البارع الى وسط القرية يجالس أهلها و لم يفشي سر ما رأى ،ولا إستعمل تسجيله في اي ابتزاز ،   وفي السوق الاسبوعي الذي تلى الحادث ، ضاع منه هاتفه ،ليقع بين يدي مجهول تفنن فيما بعد في ارسال الفيديو عبر تطبيق الواتساب لساكنة القرية ،

هرب الرجل  المصور خارج  القرية ، و بدأ الدرك الملكي يفتح تحقيقا لمعرفة ملابسات الشريط ، اعتقل الطفل و أقتيد الى مخفر الدرك ، هناك بعفوية الأطفال بدأ يحكي الفتى عن واقعة الشريط ،

لكن سؤالا يا ليته لم يطرح (!!!) ، حين سأل المحقق الفتى : هل سبق لك ان مارس عليك احد الفاحشة من قبل ؟

الفتى يحكي بحماسة كمن يحقق إنتصارا ،او من يسرد منجزات ،او ربما من فرح بالسؤال ليفضح كل من كانوا يستغلونه…

تمر الدقائق بمكتب المحقق كئيبة  و مخيفة ، فكلما تكلم الفتى كلما سقطت قلعة من قلاع القرية ، من الفقيه الى التاجر ومن رجل التعليم الى رجل المالية ،و من رجل سلطة  الى منتخب ….

يارب السماء , اي أمر جلل هذا ؟

رفع المحقق تقريره الى المسؤول الاعلى الذي اطلع على قرابة خمسين اسما هم أعمدة القرية، ليعرضها بدوره على المسؤول الاكبر ،

ماذا حدث بعد ذلك ، اترك لكم فطنة التكهن ،بين اعتقال أعمدة القرية ،و بين اطلاق سراح القرية ؟!!!!!!!

الحكاية الثانية :

عم الجفاف قرية نائية ووقعت تحت  الجوع و العطش ، و وقف شيخ القبيلة وسط اهل القبيلة و شيوخها و مختلف طبقاتها الاجتماعية مقترحا إبداع طريقة للتضامن و التكافل و ذلك بوضع اناء كبير وسط القرية ، على أن تتقدم كل خيمة بالمساهمة بكوب حليب ،حتى يمتلئ الاناء ليوزع على الفقراء و المساكين ،

وعندما حل الليل بدأ اهل القرية يتسللون في جنح الظلام و يصبون اكواب حليبهم  في الإناء ، 

مر الليل طويلا و الأهالي يتناوبون على الإناء حتى فاض من الحليب المفترض ،

في الصباح الباكر وقف الحرس ببهو القرية للاطلاع على الإناء ، ليصدم الحراس وهم يرون الاناء خال من الحليب ،و ممتلئ عن آخره بالماء !!!!!

الحكاية وما فيها ان كل فرد من اهل القرية اراد ان يحتفظ بكوبه من الحليب و يعوضه بالماء ، وكل واحد يعتقد ان اختلاط الحليب بالماء لن يفضح فعلته ،

لكن الطامة الكبرى ان قرية بأكملها كانت تغش بوضع كوب الماء مكان كوب الحليب ، ليدرك شيخ القرية ،انها قرية فاسد اهلها ،

فهل يتركهم شيخهم ويبحث عن حل جديد ام يودعهم السجن بتهمة خداع الوطن ؟!!!!

حتى في هذه الحكاية لن اقول لكم ما حدث ،لكنني اترك لكم التكهن…

الحكاية الثالثة : 

في المغرب هناك مهنة إسمها المحاماة ، ينظمها قانون ، ورغم انها قطاع خاص فإن الدولة تخصص سقفا سنويا بعدد المقاعد المخصصة ،

من قبل كان عدد المقاعد لا يتجاوز 600 مقعد في السنة ، لكن وزير العدل الحالي اصر رغم كل الضغوطات ان يفرض 2000 مقعد ( يا إلاهي اكثر من ثلاثة أضعاف ماكان سابقا ) ، 

فتح باب التسجيل لاجتياز الاختبار ، تقدم 70 الف ممتحن ، كلهم يرغبون في ممارسة المحاماة ، لكنهم لا يبدون جميعهم جادين لان يوم اجتياز الامتحان او الاختبار لم يتجاوز عددهم 45 الف ،

وطبعا كل هذا العدد من المترشحين خرج منهم فقط 2000 ناجح .

بعد ظهور نتيجة الامتحانات ،كان طبيعيا ان يكون عدد الغاضبين بالآلاف ف 44 الف شخص لم يوفق هو ليس بالأمر الهين ،ولو انه مألوف ،

فجأة ظهرت لائحة الناجحين أعدتها جهة ما مؤكد انها تضررت من نتائج الامتحانات او حتى من حرمانها من اجتياز الامتحان من اصله ، الغريب في هذه اللائحة انها اعتمدت الترتيب الأبجدي الذي يعطي توالي الاسماء التي تبدأ بنفس الحرف و محتمل جدا ان يكونوا بنفس الاسم او الكنية ،

السؤال هو كل من يحمل اسما معينا ككنية ،هل معناه انهم جميعا من أسرة واحدة ؟

مسرب اللائحة الأولى و اعدها بأسماء الأسر ، كان لابد له لإتمام خطة الطعن في اللوائح أن يقدم طبقا مسموما عبر تطبيق الواتساب يعرض فيه اسماء الناجحين و قرابتهم بشخصيات سياسية و اقتصادية ، شملت كل الاحزاب و النقابات و نقباء المحاماة ، ورجل السلطة و المشاهير !!!!!!

كل منظومة المؤسسات مورطة بشكل او بآخر …

لكن السؤال : من يملك القدرة على أخد الاسماء و الاشتغال عليها في وقت قياسي ، وتقديمها مرفقة بأسماء. من اقصى اليمين الى اقصى اليسار ، 

دولة بأكملها شاركت في هذه “الفضيحة”، أو هكذا يقولون ،

موضوع تصريح الوزير عن إبنه اعتبره مجرد تعويم متعمد للنقاش كي لا يركز على الاهم و هو لائحة الفائزين .

هل الدولة ستلغي النتائج ؟ 

هل ستفتح باب الطعون لمراجعة التصحيح الذي اعطت نتائجه آلة تعتمد النظام الكندي ؟ 

هل سيفتح التحقيق مع الناجحين مع البحث عن تهمة  تسمح بترتيب سلوكهم او سلوك اسرهم في خانة التزوير ،؟

ترى ماذا سيكون مصير هذه القصة الواقعية ؟ ، ولا تنتظروا مني جوابا ، 

فقط كونوا انتم الدولة ووقع لكم ما وقع في الحكايات الثلاثة كيف ستتصرفون ؟

عندما تقارنون لا تنسوا سؤالي : فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى