الرئيسية

ظلال القداس

 

المغرب تحت المجهر MTM .. هند بومديان

متمردة لا تقبل الظنون في عيونها بريق عتيق  سائرة على جثت صحوتها, و ما عاد يجدي سباق الفرج مضمارها حقول الخزامى و أرواحها مشردة في القفار الغريب, شمسٌ كعين اليتيم , و إن يكن بوحها مخرزا بنور خافت كشموع القِداس من شجر استوائي  و حتى القوافي باتت منسولة الثياب .

  في مكان ما تجلسُ أيها المنفي وربما تجالسك بعض الأمنيات العذاب و حري بها أن تنام على غرة القمر مستسلمة لبصيرة لا تطرف, و حشو مخدتها جعلته من ليف الحزن  شاخصة بكمِّ الذهول على صفحة الخيبة كلما أذن مؤذن الرحيل و شبَّ غُلام الأمل بغابات الأبجدية , ليذكرها الحلم إن تاهت اليقظة  و سار على سكة حكاية حُجب نفقها المظلم, ليأتي القطار المتمرد المجنون صامتا خلسة , يقل الحذر المنتظر على الرصيف و حديث امرأة كتومة يتردد في كل مكان و يأبى التدوين كلما غفت العيون.

إلى أين سيبحرون؟

وعلى قارعة القصيدة الأخيرة رمق التودد يخاصم الحياة 

فتحدثني سهوا عن الذكرى المذبوحة على أعتاب المنون و عن بقايا الكحل العالق في الجفون و عن صهيل الدمع حينما تصدمُ رُؤاك, و تنجو منه ذاكرة البدايات المنزوعة من كتاب الأساطير و أمهات الندم,و رفوف فارغة من الروايات الجميلة هزمها الواقع و أصابعها نايات مقطوعة, و صور رمادية على الجدار, لتلك الكيانات الحالمة لامرأة حروفها بنكهة الحزن , و على الطاولة العتيقة صفحات بيضاء, ينزف عليها القلم نضجهُ بألم, مترنحا تشُدُّه أنامل من يحتسي حُمرةَ عينه و يضبط وقع أنفاسه, أمنية كالأفق في الصحراء و البحر , نراها لكنها تضل تبتعد كلما إقتربنا , و مثل الأفق تبتلع شمس خرافاتنا و لم أكن أعلم أن للشوق نوبات تبدد ليل السكون , ,فأمنية الوهم وثنٌ من الآفلين, في ليلة الصقيع تنجوا جذوع بملامح الرجل العجوز, و جذور ضاربة في عمقها, و تنتحر البراعم قرارا على المشنقة و هي تزرع الحنين في محراب الأحداق أين أُعدمت الحقيقة وتركت في الدمع بشتلات سريالية الشجون .

ما عاد في دفتر العمر زاوية منسية, أنقاض و عتمة, و سبعة ظلال تُجسد خطاياه, ترمقه بحقد, مُقنعة بابتسامة من قاده لها, يتفحص أنامله و هو يرتجف و كم أصبح معتقا هذا الحنين , و كأن بها شيء ثمين, شارد في خضم حوار, لا يرُدُّ باله لما مآله قصاص,تتسلقه نخوة, ضلت تنزلق بجرمه, ينزلق معها دمع حسرته, و كم أدمنته أنا و قد بات بطعم أوراق الخريف أو لعله بنكهة الغياب لتنعم مشاعر الأوركيد بالسبات .

 يوصد وكره بشموعٍ سبعة, الظلال لا تبتلع ما يجعلها تختنق, ورداءه بلون ثوب لقاء حاكته أهدابي و لم يكتمل .

أتراها الصدفة ؟

 بات البصيص , وسط السبل المتقطعة , الصريح بفعلته يحفظ ختم النصوص , لا يتسلل بينها بحرفٍ يبرر سوءته , هي حقٌ و هو المخطئ و المصيب 

بالله لا تخبروني فقد مللت ما تراكم من صدف وأنا التي  كم لملمت لها من رقع حلم على جدران آهاتي .

ما الذي أتى بك هذا المساء ؟

سمعت البحر الهائج في كلامهم فأرسيت في سمعي طوقا و قوارب نجاة و لا أعلم كم أحدثت كلماتي من ثقوب في عباءة نسياني , كان يظهر ليلي كلما أطفئوا الأنوار عن تلك المسرحية, و من طعنني كان فيها ملاكا يُعبد طريقا نحو جنة, نويت فيها الخير لكنها كانت طفلة و لم تستح, و أما حظي في الطعن فيك   فكان كحظ صاحب العباءة المُلتحي.

حدثني عن وحدتي،  و عن قصيدتي الموجوعة كلما حمي الوطيس و تكَسَّرت كل المرايا و اختفى المرشد, تلاشى القناع, و جف حبر القلم, و امتزج كل مددٍ بالبحر الواسع, أتيه في هذا العالم عن الأبواب المؤصدة , و قد توارى تجسيد الشر خلف ستائر النفاق, و الحقيقة ترقص بوجه شاحب في المسرح, 

ترتدي أقراط صدق مزيفة, مرهقة, شهيقٌ ثم زفير, يلتهمني ضبابٌ أسود, و غبار الحريق, أختنق بريح الجيَف, أصبح العالم قاسي, فقدت السيطرة على الفجوات, فقدت ذاكرة العالم الذي قادني إليه قلمي كل مرة, هل انتهى كل شيء, انطفأ بصري, و حضنني ظلام حالك, و كأنه التلاشي الذي حذرني منه انعكاسي, مُستسلمٌ للهلاك. 

سمعت صرخة ذلك العالم على غير العادة في واقعي،تخترق ما ينطوي عليه صدري، تُمسك قلبي بملمس الهدوء فساده ذلك السكون ليغيب حديث و يطل حديث فالخافق بشوق لحديث يطول و ما عدت أملك قلبا يصبو إلى وصال   ، و بداخلي  حديث لا يعرف الصمت و الحرف  مسجون على عتباته   و كأن عروقي تنتفخ ، و اتصال احتضر منذ أمد و مات .

طاقة رهيبة، وكأن وعي في بصر آخر في نبض آخر في جسد آخر، ليزيدني موتا فوق موتي و أدفن الود تحت زيزفونة  وأنفاسي تحرك كيانا آخر، و قد جعلته للنوارس فتات أنظُر بعينه وألمس بالنور ما انطفأ على كياني.

حاولت بكل الطرق أن أدشن حكايتي ببعض الصور ولكنها صدمتني وخلعت ثوب الألوان ، أراوغ شوقي باللقاء ف أبحث في طيف التأمل عن لقاء، و أستمر و أستمر لأنظر كالضباب

بحثت في ثنايا حرفي عنه وعني،  فلم أجد سوى غرباء يقفون في مكان لم يصل له البشر من قبل و ما كنت تراه أمامك هو أقوى تجسيد للشر 

قلت له : ما الذي يحصل

قال: احذري أن تتقدمي أكثر، صرت أرى كل ما وصل إليه عقلك وقلمك،

 ألهذا الحد طحنتنا أضراس الدنيا المكان مخيف والضباب أصبح غبار، أنا عينك الآن وسأرى كل ما تنطوي عليه

قلت: أخبرني ماذا ترى؟

قال: شهُب وثقوب سوداء، ثم ثقوب بيضاء منيرة، نجوم وفضاء لا متناهي، أنوار صعب إدراكها،

قلت: أشعر بظلام في الأسفل، في الظلام أراه يرمقني بنظرات مخيفة،و قد لطخ شيب الجفا بأصباغ الذكرى

 من هو؟ من يقفون بجانبه، ولما تقيده السلاسل

صرخَت: وصلنا لبؤرة الشر، تسارع مرة أخرى، سأخرجك من هنا، ليس له طاقة لردعك وأنت في عالمه، لكنك مرهق، سأقودك مرة أخرى نحو عالمي لتغفو قصيدتي على ورق الريحان

ثم فجأة ف صرخة لم أتوقع أنها ستسبح حتى في الفراغ الذي كنت فيه ليكظم قسوة الانتظار

استيقظت من فراشي ، في غرفة مظلمة ، ففتحت الرياح الباب وبدأ النور يلتهم الظلام لكن لم أعد أستطيع الصمت 

أتعلم ؟؟ 

لقد كحّلت   ناظري  بالنسيان و سأغيب عن الوعي لمجرد تناثر تقاسيمي على ضفاف وادي الأحبة ، أولئك الذين هجروني لأنهم مااستطاعوا أن يروا دموعي وسط مجاري التناحر و سواقي الكيد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى