الرئيسية

الذكرى 76 لأحداث 7 أبريل 1947.. إستحضار نضالات أبناء الدار البيضاء في معترك المقاومة

 

المغرب تحت المجهر MTM 

يخلد الشعب المغربي ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، غدا الجمعة 7 أبريل 2023، الذكرى 76 للأحداث الدامية التي عاشتها مدينة الدار البيضاء يوم 7 أبريل 1947.

ويتعلق الأمر بمناسبة لاستحضار نضالات أبناء الدار البيضاء في مسيرة الكفاح الوطني ومعترك المقاومة وساحة الشرف والتحرير

 التي أودت بحياة الأبرياء وعكرت صفو عيش المواطنين.

غير أن هذه الأحداث المؤلمة زادت في تأجيج الروح الوطنية وإذكاء مشاعر النضال الوطني لإنهاء الوجود الاستعماري وإصرار العرش والشعب على مواصلة الكفاح الوطني، خاصة إثر إقدام السلطات الاستعمارية على نفي الملك الشرعي جلالة المغفور له محمد الخامس وأسرته الشريفة يوم 20 غشت 1953 إلى المنفى السحيق، فلم تهدأ ثائرة الشعب المغربي وطلائعه في المقاومة إلا بعودة العاهل المفدى إلى عرشه ووطنه، حاملا لواء الحرية والاستقلال.

وفي يوم تخليد أحداث الدار البيضاء الدامية، وجبت الإشارة إلى أن معركة الجهاد والكفاح والنضال ضد محاولات التسرب والتدخل الأجنبي في شؤون البلاد والعباد لم تكن وليدة القرن العشرين، بل بمجرد أن استتب الأمر للاحتلال الفرنسي بالجزائر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حتى توجهت أنظاره واشرأبت أعناق أطماعه صوب المغرب، فدخلت قواته العسكرية في مناوشات وتربصات على حدوده وثغوره لتتوالى الهزائم العسكرية التي تعرض لها بدء بحربي إيسلي (1844) وتطوان (1859-1860).

ومنذ ذلك الحين أصبح المغرب ميدانا للمناوشات والمواجهات وعقد التسويات، وهكذا اعتبرت فرنسا أن جوارها للمغرب يمنحها حقوقا ليست لغيرها من الدول، وأن الجزائر التي قادتها إلى تونس عليها أن تقودها أيضا إلى المغرب، لذلك حاولت تكثيف جهودها للسيطرة عليه، ولجأت إلى سياستي المطالبة بالإصلاحات والقروض، وقد أعطت هذه السياسة أكلها، حيث إن قرضا سنة 1904 سمح للمراقبين الفرنسيين بالجلوس إلى جانب أمناء الموانئ المغربية لاستخلاص الدين الفرنسي.

وبعد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906 وما أسفرت عنه مخرجاته من إطلاق يد فرنسا على المغرب، أصبحت هذه الأخيرة تبحث بكل الآليات والوسائل المشروعة وغير المشروعة عن ذريعة تمنحها حق التدخل في شؤونه الداخلية.

وهكذا ،انتهزت حدث مقتل أحد عملائها في مراكش وهو الطبيب “موشان” لتقصف مدينة فكيك وتحتل مدينة وجدة في مارس 1907 انطلاقا من الحدود الجزائرية، وهي نفس الذرائع التي استغلتها حينما توسعت في واحة توات سنة 1900 بدعوة ملاحقة المتمردين والمتعاونين مع الأمير عبد القادر الجزائري.

وذات الادعاءات والمبررات وظفتها فرنسا وهي تشن غارتها البحرية على مدينة الدار البيضاء التي تعرضت لدمار وتخريب شاملين من طرف المدفعية الفرنسية يومي 5 و7 غشت سنة 1907 على إثر حدث مقتل تسعة عمال أجانب من طرف الأهالي، الذين كانوا يقومون بأعمال بناء خط السكة الحديدية منتهكين حرمة مقبرة قديمة للمسلمين، وهو ما اعتبر تدنيسا للمقدسات الدينية للمغاربة.

هذا الغزو الذي تعرضت له المدينة إن كان يبدو في ظاهره أنه رد فعل تجاه الأعمال التي قام بها سكان الدار البيضاء تجاه شركة البناء التي كانت تعتزم ربط مرفأ الميناء بالرصيف، إلا أنه في واقع الأمر كان فكرة راودت القوى الاستعمارية الفرنسية منذ 1903، والمتمثلة في السيطرة على أحد أهم المراكز التجارية البحرية في شمال أفريقيا، ميناء الدار البيضاء الذي قال عنه “لوموان” Le Moine: فميناؤها واسطة عقد الموانئ المغربية المفتوحة للتجارة، ويوجد وسط سهول الشاوية الخصبة”.

فما إن احتلت جحافل القوات الفرنسية مدينة الدار البيضاء في 7 غشت 1907 وتوجهت أنظارها للزحف نحو بسيط الشاوية لاحتلالها، حتى سارع أبناء هذه الربوع المجاهدة إلى حمل السلاح والدعوة للتعبئة الشاملة والجهاد في صفوف القبائل المجاورة، حيث جوبهت قوات الاحتلال الفرنسي في معارك عدة.

وتوهمت قوات الاحتلال بإقدامها على هذا الفعل الهمجي أنها ستثني جلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه عن القيام بزيارته التاريخية لمدينة طنجة. وهكذا ،فشلت فعلتها النكراء التي استهدفت منع لقاء الملك بأبناء شعبه في شمال المملكة وفي طنجة حاضرة هذه الربوع الأبية .

لقد باءت كل حسابات ومخططات سلطات الاحتلال الاستعماري بالفشل، ولم تنفعها سياسة التقسيم والتجزئة ولا محاولات العرقلة والتفرقة، إذ توجه جلالة المغفور له محمد الخامس إلى مدينة الدار البيضاء متحديا كل العراقيل لتفقد أحوال أسر الضحايا مجسدا بنبله وعطفه ومشاطرته أفراد شعبه معاناتهم صورا رائعة من التلاحم القوي القائم بين القمة والقاعدة وذلك قبل أن يقوم برحلته التاريخية إلى مدينة طنجة في موعدها المحدد يوم 9 أبريل 1947، محطما الحدود المصطنعة للالتقاء عبر مسار هذه الرحلة وعبر كل محطاتها بأبناء شعبه الذين قدموا له الولاء والتأييد ومبادلتهم أواصر الالتحام الوثيق والروابط التي تجمع بين العرش العلوي المجاهد والشعب المغربي الوفي

وبمدينة البوغاز طنجة، كان العالم أجمع على موعد يوم 10 أبريل 1947 مع الخطاب التاريخي لبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه الذي أعلن فيه عن إصرار المغرب وإرادته القوية في الاستقلال والحرية وتمسكه بهويته العربية والإسلامية، مشددا في نفس الوقت على وحدة البلاد واحترام مقدساتها الوطنية والدينية.

وقد كان من آثار أحداث يوم 7 أبريل 1947 الدعوة إلى تنفيذ إضراب عام بالمدن المغربية وتعبئة فعاليات المجتمع لتقديم العون والدعم للأسر المتضررة، وتعزيز المواقف المعادية للاحتلال وشجب مؤامراته التي أودت بحياة الأبرياء وروعت المواطنين.

هذه الأحداث المؤلمة ساهمت في تأجيج الروح الوطنية وإذكاء مشاعر النضال لإنهاء الوجود الاستعماري وإصرار العرش والشعب على مواصلة الكفاح الوطني بكل استماتة وصمود.

وبقدر ما خلفت هذه الأحداث مئات الضحايا من شهداء وجرحى ومعتقلين، بقدر ما ساهمت في تأجيج مشاعر الوطنية وإذكاء جذوة المقاومة ومناهضة الاحتلال الأجنبي، حيث اندلعت العمليات الفدائية والتي ستتصاعد جذوتها في 20 غشت 1953 على إثر إقدام الإقامة العامة على اقتراف جريمتها النكراء بنفي السلطان الشرعي وأسرته الشريفة خارج الوطن.

وهكذا تكرس دور هذه الحاضرة المجاهدة كقاعدة للمقاومة وفضاء فسيحا لتطورها وتوسيع دائرة انتشارها إلى أن عاد بطل التحرير والاستقلال إلى أرض الوطن حاملا معه بشرى نهاية عهد الحجر والحماية وبزوغ فجر الحرية والاستقلال.

واحتفاء بهذا الحدث الوطني،أعدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يوم الجمعة 7 ابريل 2023 برنامجا للأنشطة والفعاليات بولاية الدار البيضاء، وذلك ابتداء من الساعة الثانية بعد الزوال.

يشتمل البرنامج على وقفة ترحم على أرواح شهداء ملحمة الحرية والاستقلال والوحدة الترابية المقدسة وفي مقدمتهم جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحيهما بساحـة 7 أبريـل، ومهرجان خطابي وتكريمي بمقر عمالة مقاطعات الفداء – مرس السلطان تلقى خلاله كلمات لاستحضار دلالات ومعاني هذا الحدث التاريخي وما يجسده من قيم الوطنية والتضحية والبطولة.

كما يشمل البرنامج تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة الجديرة بكل رعاية وتشريف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى