بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،أكادير ،يونيو 2023
مقال (53),2023
الشعائر الدينية في الإسلام هي تقرب من الله ،والقرب منه يكون بالمجان ،لذلك فكل الشعائر بالمجان إلا ثلاثة :
– شعيرة الزكاة ،و كلفتها على حسب الكسب ،ولا تمس سوى جزء يسير من رزق المتزكي.
– شعيرة الحج والعمرة ، وشرطها الإستطاعة ،ولا تكلف المسلم فوق طاقته.
-شعيرة الأضحية ، وهي الأخرى حسب الإستطاعة ،و القدرة .
باقي الشعائر في العبادات و المعاملات مجانية ،فالعبادات صلاة ودعاء وصوم ،وكلها لا تكلف المسلم شيئا من ماله ،
أما المعاملات التي تؤطرها الشريعة كلها مجانية من الإبتسامة في وجه المؤمن صدقة ،الى الإنفاق مما رزقك الله .وهذه مجانية ايضا ،بل ومربحة كلما كان اصلها وجنيها وصرفها في الحلال .
إن شعيرة أضحية العيد بما هي عليه اليوم ،مؤكد تضرب عرض الحائط بكل الدلالات الدينية التي تجعل منها تقربا من الله ،وزكاة في المال ،
لقد اصبحت عبئا ثقيلا على المسلمين ،لأنهم لا يطبقون سنتها ،وأغرقتهم العادات و المعاملات التي يزكيها فيهم النفاق الاجتماعي ،حتى تحولت إلى محطة للتباهي والتماهي مع كل أشكال الانفاق الزائد .
لاوجود لدين بين الديانات يدعو المنتسبين إليه للإعتدال ولا إفراط ولا تفريط ،ويأتي في شعيرة واحدة فيناقض كل الشعائر.
ومن هذا فإنه لا يمكن لعاقل ان يفهم كيف حول المسلمون شعيرة الأضحية الى ممارسة تضرب في العمق الإسلام .
جيران لا يضحي بعضهم لعوز وحاجة ، وأنت تضحي وصوت صراخ الكبش يزلزل الأرجاء ،وعندما يتحول الى شواء بعد الدبح يغرق الفضاء بدخان الشواء ، فهل لك ان تتخيل شعور جارك العاجز عن إقتناء أضحية العيد وهو وسط أسرته .
هنا تشوه عبادة و لا تصون معاملة !
هناك تخرج من ملة الدين لتسلم روحك لملة النفاق الاجتماعي ،
لكنك إذا تصدقت بأكثر من نصفه ،أنجزت السنة وشعيرة الأضحية ،وعززت المعاملات مع جيرانك ومحيطك.
لا شيئ من ذلك يحدث ،ولا حتى بين أفراد العائلة الواحدة ،حيث الأسر لا تسأل عن بعضها البعض ،إلا من رحم ربك .
هكذا ينسلخ العيد وفرحته من دلالاته ورمزيته وقيمه وقيمته ،ليتحول إلى محطة للمعاناة والتكلف و الاقبال على سلوكات ليس فيها شيئ مما يدعونا اليه إسلامنا.
وانتم تدبحون وتشوون ،لا تأسفوا على أضحية إشتريتموها حسب مستطاعكم ،ولكن لتبكوا على أنفسكم وانتم تدبحون وتشوون ما اشتريتموه فوق طاقتكم و تحولوه إلى ادخار بثلاجتكم !!!
العيد هو الفرح ،وهو التقرب الى الله ،وعندما يصير عبئا على المسلم يغيب الفرح ويكون الابتعاد من الله والتقرب من الشيطان الذي يزين للناس أعمالهم ويغرقهم في نفاق اجتماعي .
فكفوا في القادم من السنوات عن تشويه شعيرة عيد الاضحى ،وإرفقوا بأنفسكم ولا تنسوا أن إسلامنا دين يسر وليس دين عسر
فهل تعتبرون ؟
