الرئيسية

القرآن تحت مجهر سؤال التفسير .

القرآن تحت مجهر سؤال التفسير .
بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ،أكادير،اكتوبر،2023
مقال (81).
لا يدرك العرب أن اللغة العربية إذا كانت لا تفتح لهم أبواب العالم ،فإنها تفتح لهم أبواب الجنة ، واما من أتقن أكثر من لغة مع العربية فقد فتح له العالم وما خلفه .
لقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم للعالمين ، ونزل عليه القرآن هدا للعالمين ، لكنه نزل بلسان عربي ، ولا سبيل للعالمين بقراءته وفهمه وتدبره بلا إمتلاك للغة العربية نطقا و قراءة و تحليلا .
إن بالقرآن أسرار لا تنتهي ، ويبقى هو الكتاب الوحيد في الكون الذي لا تتوقف عنه التفسيرات ، فكلما تعاقبت السنين ظهرت تفسيرات و مراجعات تكشف بعضا من المعجزات الإلهية .
في الدول العربية في عصور الخلافة إبتدع الحكام والفقهاء الذين يدورون في فلكهم طرقا لتحفيز المسلمين على قراءة القرآن مرات ومرات ،وكلما تعددت التلاوة زاد الأجر .
لكن عبر التاريخ الإسلامي تقل الأصوات التي تدعو لفهم القرآن وتدبره ، و وضعت الدول المتعاقبة مجلدات من التفسيرات ،وقدستها حتى اصبح باب الإجتهاد خارج ما في هذه التفسيرات خروجا عن الملة وطعنا في الإسلام .
غير العرب ،لا سبيل لهم لنيل اجر التلاوة الذي رسمته تلك الاصوات عبر التاريخ الإسلامي ، لأنهم ليسوا بناطقي العربية ، وعلاقتهم بالمصحف والإسلام محصورة في الترجمات المتعددة و الكتب التي تقدم الخلاصات ،و تقتصر على العبادات والمعاملات .
المسلمون من غير العرب إسلامهم بعيد عن تفسيرات كتب زمن الخلافة ، وهو ما يجعله إسلاما عفويا خال من الشذوذ و التطرف . و هذا المعطى يعطي حكما جاهزا بأن التفسيرات هي اصل التطرف و الإرهاب .
القرآن هو قبل كل شيئ رسالة ربانية ،فكيف لك ان تمر على كلماته مرور المرتلين غير المدركين لمعانيه و المكتفين بالتفنن في تجويده ؟
القرآن يضعك امام أسلوبين للتعامل معه ، أسلوب الحفظ و الترتيل ، وهو الشائع ، وهذا الأسلوب كان ضرورة في التاريخ الإسلامي ،لأن القرآن وصل بالحفظ امام بطش قريش ،وكان حفظه وجها من أوجه حماية القرآن الكريم من التحريف و الإنقراض ،و تلك حكمة ربانية سخر لها المسلمين .
وحفظ القرآن اليوم لم يعد يؤدي ذلك الدور ،واصبح مكانة إجتماعية و أجرا يتسابق اليه الناس .
الاسلوب الثاني ،هو الفهم و التدبر ، وهذا الأسلوب هو الذي يقود المسلم الى فهم الرسالة الربانية بالعقل ،و هذا يفضي إلى إمتلاك آليات التدبر ، و هو ما يمنح المسلم تبصر عباداته ومعاملاته ، و تقوية معتقده الديني المبني على التسامح و السلام .
كثير من المسلمين اليوم يحفظون القرآن الكريم ،و يصلون بآيات يرتلونها يوميا دون تكليف انفسهم البحث عن معاني الكلمات ، فمن يعرف “الكوثر”,و “الأبتر”, و هذه مجرد كلمات من اصغر سورة قليل من يعرف معناها ،فكيف لهم ان يتدبروها.
إننا لا ندعو الى التوقف عن حفظ القرآن و والتوقف عن تمجيد الحفظة من حملة القرآن ،فالصدور التي بها قرآن تشع بالنور ، و لكن كم سيكون رائعا ان نحفظ القرآن و نسعى لفهمه ونتدبر آياته .
ولكننا ندعو الى القطع مع تمجيد التفسيرات القديمة وتحريم كل تفسير حديث .
ندعو الى مزيد من وضع القرآن الكريم تحت تشريح الفهم والدراسة و التحليل ،
ندعو الى تشجيع الناس على تدبر القرآن الكريم ،لأن من شأن ذلك ان يصلح الكثير من آفات المجتمع ،
ندعو الى الإكثار من معاهد الدراسات الإسلامية لنواصل كما فعل اجدادنا سبر اغوار هذا الهدي الالهي الذي لم يكشف بعد عن كل أسراره ،ليدرك العالم كله ،ان كتاب الله ليس حروفا وكلمات ، بل نبراسا من النور علينا أن نتعقب شعاعه ليتسلل الى قلوبنا لتشع حياتنا بالنور والمحبة والخير و السلام .
فهل تعتبرون ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى