مجتمع
أخر الأخبار

منصة الشباب البرنوصي: من دعم الشباب إلى استغلالهم

منصة الشباب البرنوصي: من دعم الشباب إلى استغلالهم

متابعة الإعلامي : أحمد الشرفي

منذ تأسيسها، كان من المفروض أن تكون منصة الشباب البرنوصي نقطة انطلاق حقيقية لتمكين الشباب وتقديم الدعم لهم. لكن اليوم، الصورة مختلفة تمامًا عن تلك الرؤية الوردية. التحقيقات واستطلاعات الرأي كشفت عن تحول هذه المبادرة من منصة للمساعدة إلى مصدر للاستغلال، وهذا يكشف عن مشكلة عميقة في نظام الدعم وتوزيع الموارد.

 

**استغلال الموارد والمستفيدين**

 

الاستطلاع الأخير أظهر أن الجمعية المسؤولة عن تأطير وتكوين المستفيدين هي المستفيد الأكبر من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. الجمعية تتلقى تعويضات مالية ضخمة من المبادرة مقابل الدورات التكوينية التي تقدمها، بينما غالبية المستفيدين يعانون من استغلال هذه الدورات بدلًا من الاستفادة الفعلية منها. الجمعية تدرب العشرات من الأشخاص سنويًا، ولكن الاستفادة الحقيقية تقتصر على عدد قليل جدًا، حيث يتم اختيارهم بناءً على معايير محددة، وعلاقات معينة، ناهيك عن وضعهم المالي الجيد وقدرتهم على المساهمة المالية والعينية، المساهمة التي لا يستطيع الكثير من المنخرطين توفيرها. كيف يُطلب من عاطل عن العمل أن يساهم بملايين السنتيمات، بينما معظم الشباب ينحدرون من الأحياء الشعبية المهمشة، حيث يُجبرون على أخذ قروض بنكية بفوائد عالية، ومنهم من لديه مشاكل مع البنوك أو دخل قسم المنازعات، حيث يرفض البنك والقروض الصغرى منحهم القروض. المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تضع حلولًا تعجيزية وانتقامية للمنخرطين.

 

هذه السياسات جزء من الحلول الانتقامية التي يطبقها المسؤولون على الشباب، لتحميلهم مسؤولية الفشل الذي شهدته مبادرات سابقة. الشباب الذين حاولوا التقدم للحصول على الدعم ووجدوا أنفسهم غير قادرين على توفير هذه المساهمات، يكتشفون أن أحلامهم تتلاشى بسبب هذه المتطلبات المفرطة.

 

**المشرفون على المبادرة: تعدٍّ على كرامة المستفيدين**

 

أكثر ما يثير القلق هو طريقة تعامل المشرفين مع المنخرطين. يُطلب من الشباب التصريح أمام الكاميرا بأنهم يطلبون المساعدة من المبادرة، وتوثيق هذه التصريحات بهواتفهم الخاصة، مما يعرضهم لمشاهد مهينة. يُطلب منهم أن يظهروا في وضعية ضعف وطلب، مما ينتهك كرامتهم وإنسانيتهم. حيث طلب منهم قول “أنا حامل مشروع وجيت للمبادرة وبغيتم تعونوني”. فماذا سيستفيد المشرفون على المبادرة من هذه التصريحات التي تمس بكرامة المواطنين؟

 

القلق لا يتوقف هنا، بل يمتد إلى طريقة التكوين والتأطير. يتم تعيين طلبة التكوين المهني، الذين لا يمتلكون المؤهلات الكافية، كمدربين على أنهم أساتذة جامعيون، مما يثير تساؤلات حول مستوى الكفاءة والخبرة التي يتلقاها المستفيدون.

 

**فقدان الثقة والمستقبل المجهول**

 

هذا التعامل غير اللائق أدى إلى عزوف الكثير من الشباب عن التقديم والاستفادة من المبادرة. فقدت المبادرة ثقة العديد من شباب المنطقة، ويتساءل الكثيرون عن مصير الأوراش التي يفترض أنها تدعمها، وكذلك مصير المنخرطين الذين خضعوا للتكوين وتم استبعادهم وإقصاؤهم. هناك قلق حقيقي حول ما إذا كانت ملفاتهم سيتم التعامل معها بجدية أو ستُقصى وتندثر في الأدراج، وينتهي بها المطاف في سلة المهملات الخاصة بالمنصة.

 

**الاستنتاج**

 

من الواضح أن منصة الشباب البرنوصي في وضع يحتاج إلى مراجعة جذرية. يجب اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة هذه الثغرات وتحسين الشفافية والعدالة في توزيع الدعم والمساعدة. من الضروري أن تكون المبادرة حقيقةً منصة لدعم الشباب وتمكينهم، وليس وسيلة للاستغلال والتلاعب. يتعين على المسؤولين في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أن يتحملوا مسؤولياتهم ويضمنوا تحسين ظروف التعامل مع المستفيدين وضمان كرامتهم. فرغم محاولة المسؤولين تحسين الصورة إعلاميًا، إلا أن الواقع مليء بالإخفاقات والاختلالات. حيث باتت منصة الشباب حركة غير عادية لبعض الأشخاص يشتغلون لصالح أجندة سياسية في المنطقة. فهل سيتم تسييس المنصة؟ وهذا ما سنتطرق له في مقالات لاحقة.

الجزء الأول ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى