مجتمع
أخر الأخبار

تـدريـس الـتـاريـخ و الـتـحـديـات الـراهـنـة

تـدريـس الـتـاريـخ و الـتـحـديـات الـراهـنـة


حزيلة ابراهيم

 

في ظل التحديات الراهنة التي تواجه المنظومة التربوية، أصبح من الضروري إعادة النظر في طرائق التدريس وخاصة في مادة التاريخ. فالمنهج الحالي، المعتمد بشكل كبير على التلقين والسرد، لم يعد يتماشى مع متطلبات العصر الذي يدعو إلى تعزيز التفكير النقدي والتساؤل بدلًا من التمجيد والتقديس.

 

تاريخ المغرب، كما هو معروض في مناهجنا الدراسية، لا يزال خاضعًا لما سجله المؤرخون الرسميون أمثال عبد الوهاب بنمنصور ومحمد المريني. ورغم غنى هذا التاريخ بالأحداث، فإن الطريقة التي يتم بها تدريسه تظل مقيدة، حيث يطغى السرد التلقيني على إثارة الأسئلة وتحليل الإشكاليات التاريخية. وهذا النهج يجعل الطالب متلقيًا سلبيًا بدلًا من أن يكون فاعلًا ناقدًا.

 

إن إصلاح المناهج التربوية يتطلب تدخلًا من الأكاديميين والباحثين التربويين لتقديم منظور جديد للتاريخ. يجب أن يُنظر إلى التاريخ ليس فقط كمادة تعليمية تهدف إلى نقل المعرفة، بل كمجال مفتوح للتحليل والتفكير النقدي. هنا يأتي دور الـ”ديداكتيك” أو علم تعليم التاريخ، الذي يمكن أن يكون أداة فعالة لتطوير قدرات الطالب على التفكير التاريخي وفهم الماضي من أجل الحاضر والمستقبل.

 

من تجربتي في تدريس مادة التاريخ، أرى أن هناك فجوات كثيرة في المنهج، خاصة فيما يتعلق بالفترات الحساسة مثل الحماية الفرنسية والإسبانية على المغرب واتفاقية إيكس ليبان وثورة الملك والشعب. هذه الفترات لم تحظَ بالتركيز الكافي، وغالبًا ما يتم تناولها من منظور تقليدي يميل إلى التضخيم العاطفي دون تحليل نقدي.

 

البرامج الدراسية الحالية تحتاج إلى تحديث جذري يعتمد على الكيف وليس الكم، على تطوير طرائق تدريس تُحفز الطلاب على التساؤل والتفكير النقدي. فالطالب الذي لا يفهم الماضي بعمق لا يمكنه أن يدرك الحاضر أو يستشرف المستقبل بشكل فعال.

 

كما قال المغفور له الحسن الثاني في كتاب “التحدي”: “عدم فهم الحاضر ينشأ عن جهل الماضي.” لذا فإن بناء الهوية الوطنية يبدأ من فهم دقيق للتاريخ بعيدًا عن التمجيد الأعمى والتركيز على الحقائق والإشكاليات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى