مجتمع

“سيدي مومن بعد 16 ماي: بين مشاريع التنمية وواقع الإقصاء وتهميش الساكنة والوعود الكاذبة”

متابعة الإعلامي : أحمد الشرفي

تعتبر منطقة سيدي مومن في الدار البيضاء واحدة من أكثر الأحياء تردياً في المغرب، حيث تعرضت لأحداث مؤلمة في 16 ماي 2003، عندما ضربت المدينة سلسلة من الهجمات الإرهابية. ومنذ ذلك الحين، تحولت سيدي مومن إلى رمز للفقر والإقصاء والتهميش، مما دفع السلطات إلى تبني إجراءات تنموية واسعة النطاق. ومع ذلك، وبعد مرور أكثر من عقدين على هذه المبادرات، يطرح السؤال الجوهري: هل تحققت الأهداف المعلنة أم أن الواقع يكشف عن حقيقة مغايرة؟

المشاريع التنموية: طموحات وأهداف

في أعقاب الهجمات، أطلق الملك محمد السادس سلسلة من المبادرات التنموية الضخمة التي شملت بناء مراكز ثقافية ورياضية، وتحسين التعليم، وتوفير فرص العمل للشباب. كانت هذه المشاريع تعبيراً عن رؤية ملكية تهدف إلى رفع المنطقة من براثن الفقر والتهميش، وتجنب انزلاق الشباب نحو التطرف. لكن الواقع، كما سنرى، يكشف عن أوجه قصور كبيرة في تنفيذ هذه الوعود.

الواقع على الأرض: فجوة بين الطموح والتنفيذ

رغم الجهود المبذولة، تعاني سيدي مومن من تحديات جسيمة. الأكواخ القصديرية في كريان سيدي مومن القديم، التي كانت مسرحاً للتطرف، لا تزال صامدة. الأوضاع المعيشية في هذه الأكواخ لم تتغير بشكل ملموس؛ يعيش المواطنون في ظروف غير إنسانية، تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة. إن الاستمرار في وجود هذه الأكواخ يعكس بوضوح الفجوة الواسعة بين الطموحات والأهداف المعلنة والواقع المرير الذي يعانيه السكان.

الأكواخ القصديرية: دليل على فشل السياسات

تظل الأكواخ القصديرية رموزاً فاضحة لفشل السياسات التنموية. هذه الهياكل المتهالكة، التي كانت في يوم من الأيام نقطة التقاء بين قادة الجماعات المتطرفة والشباب، لم تشهد أي تغيير ملموس. استمرار هذه الأكواخ يعكس التباين الصارخ بين الأهداف المعلنة والواقع المتدهور، مما يفضح عجز السياسات الحكومية عن إحداث تغيير حقيقي.

التحديات المستمرة: ماذا يجب أن يُفعل؟

تحسين أوضاع سيدي مومن يتطلب أكثر من مجرد مشاريع تنموية سطحية. يجب أن تكون إزالة الأكواخ القصديرية وتوفير سكن لائق أولوية قصوى، بجانب تعزيز دمج الشباب في المجتمع من خلال برامج تعليمية وتكوينية فعالة. يتطلب الأمر خطوات ملموسة نحو التنمية المستدامة، بدلاً من الاستمرار في مشاريع غير مكتملة تعجز عن تحقيق نتائج ملموسة.

بعد أكثر من عشرين سنة من هجمات 16 ماي، لا تزال سيدي مومن تعاني من مظاهر الفقر والتهميش التي كانت جزءاً من ماضيها المؤلم. تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة يتطلب التزاماً حقيقياً من جميع الجهات المعنية. على سيدي مومن أن تتحول إلى نموذج للتغيير الإيجابي بدلاً من أن تظل رمزاً للفشل والإقصاء. بينما تستمر الأسر في العيش في أكواخ قصديرية، يتساءل الكثيرون عن الوعود التي قطعها المسؤولون أمام الملك محمد السادس والتي اعتبرها الكثيرون مجرد وعود كاذبة، لا تعكس سوى فشل السياسات وأسطوانة مشروخة من الوعود التي لم تُترجم إلى واقع ملموس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى