لا تتسرع في الحكم على الناس من خلال ما يظهر من تصرفاتهم،لأنك لا تتوفر على حقائق واقعية كافية لإصدار أحكامك. لأنك غالبا ما تعتمد على مؤشرات ودلائل سطحية،والتي تكون غالبا غير كافية للحكم على تصرفات غيرنا،قد يتم الحكم المبدئي من خلال مخالطة الطرف الآخر،أو العيش معه،وقد يكون السفر -إذا أتيحت الفرصة- معيارا يعتمد عليه في التعرف على شخصية الآخر ،فخلال السفر أو العيش مع شخص قد نجهل خباياه تظهر لنا السلوك والأخلاق والتربية على حقيقتها،إنه ليس المظهر،ولا الشكل ولا اللون،ولا العرق،ولا الديانة…لكنه الفعل والعمل الذي يتجلى في تصرفاتنا ومعاملاتنا التلقائية،بل وحتى أثناء انفعالاتنا تظهر حقائق نخفيها من شخصيتنا…
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”.
لكي نصيب في إصدار الحكم على الآخر لا يجب أن ننظر إلى شخصيته من زاوية معينة،لأننا قد نخطئ، لأن تقييم الشئ يتم بالنظر إليه وتمحصه من جميع الزوايا حتى تكتمل الصورة والمعطيات….
فلنتجنب التسرع في الحكم على الغير الذي قد يكون مبنيا على آراء بشأن موضوع ما،فليس كل مدخن للسجائر ضال وفاسد حسب اعتقاد البعض،ولا كل من يصلي ملاكا حتى لو كان قاطعا للرحم أو خائنا للأمانة….فالحكم على الآخر يتطلب تقييما كاملا مكتملا،فقد يحكم البعض على الطرف الآخر من خلال بعض العبادات فقط والتي يعتقد أنها منحصرة في الصلاة والصوم والزكاة والحج،دون أن ينتبه إلى أن هناك قيم يجب التمسك بها،وعلى أن الدين المعاملة،وبأن بر الوالدين عبادة،وكف اللسان عن النميمة والكلام البذئ عبادة،والإبتسامة في وجه غيرك عبادة،وحسن المعاملة والطيبوبة عبادة،والتواضع عبادة،وإدخال فرحة على أرملة أو يتيم هي عبادة،والإتقان في العمل عبادة،بل وحتى نظافة الشارع،ومقر سكنك وعملك عبادة…
فأين نحن من كل هذا؟ إن الحكم على الناس يحتاج وقتا كافيا لدراسة وتمحيص ذاتية الشخص،لأن الإنسان يتكون من وحدة مركبة تتظافر في تشكيلها مجموعة من العوامل النفسية والبيولوجية والإجتماعية،لأن معرفة الناس الحقة لا يمكن أن تكون عبر لقاءات سريعة أو أحكام أولية،أو مواقف عابرة،لأن كل هذا لا يعطي انطباعات عميقة عن الطرف الآخر.
لنسعى كلنا للتحلي بقدر مناسب من الخبرة والحرفية والذكاء في معاملة الغير وفهمه حتى نصير مؤهلين للحذر من المساهمة في انتشار مرض التسرع في الحكم على
الغير الشئ الذي يخلق ثغرات في المجتمع
