الرئيسية

جلالة الملك يحدد سبل التعافي الاقتصادي

المغرب تحت المجهر

حضر الإنعاش الاقتصادي بقوة في المبادرات التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس منذ الشروع في تخفيف تدابير الحجر الصحي والطوارىء الصحية، وتجلى ذلك في خطاب العرش في العام الماضي، عندما أعلن عن إطلاق خطة للإنعاش الاقتصادي، رامت توضيح الرؤية للقطاعات الإنتاجية، بما في ذلك الفلاحة التي جرى التشديد على علاقتها بالتنمية القروية، في الوقت نفسه الذي تم التشديد على الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.

كان خطاب العرش، في العام الماضي، حاسما في توضيح الرؤية حول مسار الإنعاش الاقتصادي في سياق الانكماش الذي تسبب فيه الفيروس، حيث أعلن جلالة الملك محمد السادس، عن “إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها، والرفع من قدرتها على توفير مناصب الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل”.

ضخ مالي

وكشف جلال الملك عن التوجه نحو ضح حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، موضحا أن تلك النسبة “تجعل المغرب من بين الدول الأكثر إقداما في سياسة إنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة”.

وأعلن عن “إحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص، في مختلف المجالات. ويجب أن يرتكز هذا الصندوق، بالإضافة إلى مساهمة الدولة، على تـنسيق وعقلنة الصناديق التمويلية”.

وطالب بهدف ضمان شروط نجاح الخطة. الحكومة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين” للانخراط فيها، بكل فعالية ومسؤولية، في إطار تعاقد وطني بناء، يكون في مستوى تحديات المرحلة وانتظارات المغاربة”.

ودعا جلالة الملك في ذلك الخطاب، إلى “الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، قصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية”، داعيا إلى إحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة ومواكبة أداء المؤسسات العمومية.

صندوق للنهوض بالاستثمار

وفي خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية في التاسع من أكتوبر الماضي، ذكر جلالة الملك بخطة إنعاش الاقتصاد ومشروع تعميم التغطية الصحية، وإصلاح مؤسسات القطاع العام، مشددا على وضع خطة الإنعاش الاقتصادي في مقدمة أسبقيات المرحلة، مؤكدا على أنها تهدف لدعم القطاعات الإنتاجية، خاصة نسيج المقاولات الصغيرة والمتوسطة، والرفع من قدرتها على الاستثمار، وخلق فرص الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل.

وأكد على ضرورة تنزيل تلك الخطة في في إطار تعاقد وطني بناء، بين الدولة والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، من أجل ضمان شروط نجاحها، انطلاقا من تلازم الحقوق والواجبات، مشيرا إلي الجهود المبذولة من أجل دعم المقاولات عبر آلية القروض المضمونة من طرف الدولة، حيث مكن ذلك المقاولات المستفيدة من الصمود أمام هذه الأزمة، وتخفيف حدة آثارها، ومن الحفاظ على مناصب الشغل، داعيا إلى مواصلة الجهود في هذا المجال، سواء من طرف القطاع البنكي، وصندوق الضمان المركزي، أو من جانب المقاولات وجمعياتها المهنية.

وفي ذلك الخطاب، أكد على أن خطة إنعاش الاقتصاد تستند على صندوق الاستثمار الاستراتيجي، الذي أطلق عليه اسم ” صندوق محمد السادس للاستثمار”، معبرا عن التطلع لأن “يقوم بدور ريادي، في النهوض بالاستثمار، والرفع من قدرات الاقتصاد الوطني، من خلال دعم القطاعات الانتاجية، وتمويل ومواكبة المشاريع الكبرى، في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص”.

وحدد معالم ذلك الصندوق، حيث شدد على تخويله الشخصية المعنوية، وتمكينه من هيآت التدبير الملائمة، وأن يكون نموذجا من حيث الحكامة والنجاعة والشفافية، في الوقت نفسه، الذي أعطى أعطى توجيهاته بأن “ترصد له 15 مليار درهم، من ميزانية الدولة، بما يشكل حافزا للشركاء المغاربة والدوليين، لمواكبة تدخلاته، والمساهمة في المشاريع الاستثمارية، دعما لخطة الانعاش، وتوسيع أثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”.

وذهب إلي أن الصندوق سيرتكز في تدخلاته على صناديق قطاعية متخصصة، تابعة له، حسب المجالات ذات الأولوية، التي تقتضيها كل مرحلة، وحسب حاجيات كل قطاع، عين تلك المجالات على سبيل الحصر في إعادة هيكلة الصناعة، والابتكار والقطاعات الواعدة، والمقاولات الصغرى والمتوسطة، والبنيات التحتية، والفلاحة والسياحة.

دعم صمود الفلاحة

خص جلالة الملك الفلاحة الفلاحة بالتفاتة خاصة، في ذلك الخطاب، حيث شدد على إيلاء الأهمية للفلاحة والتنمية القروية، ضمن عملية الإنعاش الاقتصادي، مشددا على ضرورة التوجه في الظروف الحالية نحو ” دعم صمود هذا القطاع الوازن، وتسريع تنفيذ جميع البرامج الفلاحية”.

واعتبر أن ذلك سيساهم في تحفيز الاستثمار والتشغيل، وتثمين الإنتاج الفلاحي الوطني، وتسهيل الاندماج المهني بالعالم القروي، وفقا للاستراتيجية الفلاحية الجديدة، مؤكدا على أن عملية تعبئة مليون هكتار، من الأراضي الفلاحية الجماعية، لفائدة المستثمرين وذوي الحقوق، تشكل رافعة أساسية ضمن هذه الاستراتيجية.

وأكد على أن حجم الاستثمارات المنتظرة في إطار ذلك المشروع تقدر بما يقارب 38 مليار درهم، على المدى المتوسط، حيث سيمكن ذلك “من خلق قيمة مضافة، لتمثل حوالي نقطتين إضافيتين سنويا، من الناتج الداخلي الخام، وإحداث عدد هام من مناصب الشغل، خلال السنوات القادمة”.

ودعا إلى “تعزيز التنسيق والتعاون بين القطاعات المعنية، مع العمل على تحفيز الشباب في العالم القروي، عن طريق خلق المقاولات، ودعم التكوين، لاسيما في المهن والخدمات، المرتبطة بالفلاحة”.

ربط المسؤولية بالمحاسبة

ولفت جلالته الانتباه إلى أن “نجاح أي خطة أو مشروع، مهما كانت أهدافه، يبقى رهينا باعتماد مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة”، مؤكدا على أنه يجب أن “تعطي مؤسسات الدولة والمقاولات العمومية، المثال في هذا المجال، وأن تكون رافعة للتنمية، وليس عائقا لها”.

ودعا إلى القيام بمراجعة جوهرية ومتوازنة لتلك المؤسسات العمومية، مراهنا على الدور الذي ستقوم به، في هذا المجال الوكالة التي ستشرف على مساهمات الدولة تتبع أداءها، مشددا على أن “نجاح خطة الإنعاش الاقتصادي، والتأسيس لعقد اجتماعي جديد، يقتضي تغييرا حقيقيا في العقليات، وفي مستوى أداء المؤسسات العمومية”، داعيا في الوقت نفسه، الحكومة إلى مراجعة عميقة لمعايير ومساطر التعيين في المناصب العليا، بما يجعل الوظيفة العمومية أكثر جاذبية للكفاءات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى