الرئيسية

بقلم الأستاذة لالة خديجة مبروك. كيف تكون طفلك في الحاضر وتعده للمستقبل…

 

المغرب تحت المجهر

ليس الطفل موضوعا،ولا ملكية لوالديه وإنما هو إنسان له حقوق خاصة به تعمل لتطوير إمكانياته الكاملة. فالطفل كفرد في الأسرة والمجتمع من حقه أن يتمتع بحقوق ومسؤوليات ملائمة لسنه ولمراحل نموه،هذه الحقوق التي تستلزم وجوب نوعيتها  الأساسية للحياة كحق لجميع الأطفال وليس امتيازا تتمتع به الأقلية منهم.

إن الطفل هو صاحب حق،بحيث يخول له هذا الحق التمتع بتدابير حماية خاصة،لأنه أكثر عنصر معرض بشكل خاص للضرر الناتج عن علاقات غير موثوقة ومتقلبة مع الوالدين،وأولياء الأمور،ونشأته في وسط يسوده الفقر المدقع والحرمان،أو محاط بالصراع والعنف.

…فرفقابأطفالنا لأنهم العنصر الأقل قدرة على تجنب أو مقاومة” العنف” والأقل قدرة على فهم ما يحدث،والأقل قدرة على طلب الحماية من الآخرين…

وتعتبر الطفولة المرحلة الأساس الأولى لتكوين وتطوير وبلورة شخصية الفرد مستقبلا،لأن القدرات البدنية والفكرية،والإجتماعية والعاطفية المثلى للطفل رهينة بتلقيه الرعاية التامة منذ البداية،وقد أشارت بعض الأبحاث العلمية أن التوثر في مرحلة الطفولة المبكرة،بما في ذلك التعرض للعنف وعدم الرعاية يضر بصحة الطفل وبتعليمه، وقد يتعرض بسبب الإهمال واللامبالات لعواقب نفسية فزيولوجية سلبية طويلة الأمد،قد تسبب تغيرات دائمة في الدماغ النامي،مما يؤثر على اكتساب اللغة والأداء المعرفي والسيطرة على الذات.

..فرفقا بأطفالنا في كل أنحاء العالم،لأن الأطفال المعرضين لسوء المعاملة هم الأكثر عرضة لأن يكونوا ضحايا للعنف  في وقت لاحق من الحياة،وقد يصبحوا هم أنفسهم مرتكبين  للجرائم،أو منخرطين في سلوكات إجرامية..،لذلك فالمعاملة  مع الطفل تتطلب حذرا ونوعية خاصة من الرعاية لكي يعيش كل طفل حياة آمنة بعيدة عن الإساءة والمعاناة.

فإهمال الطفل ليس مقتصرا فقط على ما سبق ذكره،بل هناك أنواع أخرى من الإهمال في حقه،كالطفل الذي ينشأ في وسط بورجوازي ماديا،وفقير معنويا،لأنه في هذه الحالة يكون أكثر عرضة للتهميش العاطفي الأسري،لانشغال والديه بتوفير المستقبل له،دون أن يعوا أنهم يبنون مستقبلا لفرد فوق أرضية غير تابثة…يهيئون له حياة رغيدة في الوقت الذي سلبوه وجردوه من الدعائم..لم يمنحوه الحب والحنان الذي سيجعل هذه الحياة الرغيدة لها معنى،ولا يمكن أن يكون للحياة معنى إلا إذا كانت مرتكزة على عدة أسس ضرورية لتكوين وتنمية شخصية الطفل،وتعزيز قدرته على الصمود لمواجهة الصعاب،لأن الحياة مليئة بالتحديات التي لا يمكن التنبؤ بها،فبعض الآباء يعتقدون أن من واجبهم حماية أطفالهم من التعرض لأوقات عصيبة أو الفشل،لكن هذا النهج ليس تاما ومفيدا دائما،خصوصا عندما يتعلق الأمر بأعداد الطفل للمستقبل.علم طفلك أن الفشل نوع من مصادر التحفيز،وعلى أن الضربة قد توجع لكن إذا تصديت لها فإنها لن تكسر ظهرك لكنها تقويك، فكن أيها الأب،وأيتها الأم،وأي ولي أمر طفل،كونوا جميعا إلى جنب هذا الطفل،لأن قوته في مواجهة الحياة ،والتغلب على الصعاب تتطلب إستراتيجيات معينة وقارة تساعد على إعداد هذا الطفل ليصبح شخصا راشدا في المستقبل،ويكون عنصرا صالحا لنفسه ولذويه  ولوطنه…كل هذا يتطلب حب الوالدين واهتمامهم الدائم بالطفل،حنان،دفء عائلي،تفاهم وتواصل إيجابي مستمر ومثمر، وتدخل فوري لإصلاح أي عطب أو لسد أي ثغرة قد تظهر أثناء تكوين الطفل وإعداده للمستقبل،مستقبل ناجح أوله حب وأمان،ووسطه دفء وحنان،وآخره استقرار وسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى