الرئيسية

عادل جمي يكتب: الرياضة في الاسلام

 المغرب تحت المجهر..جمي عادل

مما لا شك  فيه أن  طرق اكتساب القوة البدنية  هي مزاولة بعض الرياضات النافعة، كالرماية، والسباحة، والمصارعة، والعدو، وغيرها.. فهذه ألوان من الرياضة النزيهة كانت معروفة من أيام الجاهلية، فلما جاء الإسلام أقرها، بل رغب المسلمين في مزاولتها أو مشاهدتها، لأنها تهيئ النفوس للإقبال على العبادات والواجبات الأخرى، إذ النفوس إذا كلّت من العمل ملّته، وإنما المحظور هو الواقع في بعض أنواع الرياضات اليوم مما يشوبها من المخالفات الشرعية.

الرياضة

الرياضة لغة: مصدر رَاضَ، يقال: رَاضَ المُهر يروِّضُه رِيَاضًا ورياضة، فهو مَرُوض- أي جعله ذليلًا سلس القيادة، 

ورياضة البدن هي معالجته بألوان من الحركة لتهيئة أعضائه لأداء وظائفها بسهولة.

وقد عرف السعدي، رحمه الله، الرياضة بأجمل تعريف فقال: 

هي التمرن والتمرين على الأمور التي تنفع في العاجل والآجل، والتدريب على سلوك الوسائل النافعة التي تدرك بها المقاصد الجلية.

وقد أعطى الإسلام الرياضةَ عناية خاصة باعتبارها مظهرًا وسلوكًا لازمًا للإنسان منذ نشأته، حيث دعت آيات كثيرة من القرآن الكريم إلى تحصيل القوة البدنية وغير البدنية، فقال تعالى: {وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ومِن رِّبَاطِ الخَيْلِ} (الأنفال: 60)، كما امتن الله عز وجل على عبده الصالح (طالوت) الذي بعثه ملكًا على بني إسرائيل إذ وهبه مع العلم بنية جسمية قوية، فقال سبحانه: {وزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ والْجِسْمِ} (البقرة: 247)، وقد أثنى رسول الله ﷺ على المؤمن القوي فقال: «المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير»، والمقصود بالقوة هنا معناها الواسع وهي قوة الهمة والإرادة الشخصية، ومعها القوة الجسدية الضرورية للقيام بمتطلبات العبادة والجهاد، وقد كان ﷺ نفسه ذا جسم متكامل وقوي وضخم، فقد جاء في كتب السنة أنه ﷺ كان قوي البنية، عظيم الصدر، عريض المنكبين، ضخم العظام، قوي العضدين والذراعين، رحب الكفين والقدمين، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ومن الطريف أن نلاحظ أن هذه الأجزاء من الجسم هي التي تقاس اليوم بدقة واهتمام في بطولات كمال الأجسام، فمن كان جسمه بهذه الأوصاف، كان صاحبها البطل.

ثم إن الملاحظ أن معظم العبادات التي شرعها الله في الإسلام تعد ضربًا من ضروب الرياضة البدنية، فالصلاة بحركاتها وسكناتها رياضة تحرك الأعضاء، وتحرر المفاصل، وتنشط الجسم، وفي الصوم الشرعي من أسباب حفظ الصحة، ورياضة البدن والنفس، ما لا يدفعه صحيح الفطرة، والحج أشبه ما يكون بدورة رياضية سنوية منظمة، فالطواف حول الكعبة، والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة، ثم الإفاضة منها إلى المشعر الحرام في مزدلفة، ومنها إلى مِنى- كل تلك ممارسات رياضية تنشد الجسم وتقويه، فوق أنها قربة إلى الله عز وجل، كما زاد ابن القيم، رحمه الله علاوة على ذلك: المشي في الحوائج، وإلي الإخوان، وقضاء حقوقهم، وعيادة مرضاهم، وتشييع جنائزهم، والمشي إلى المساجد للجُمعات والجماعات، وحركة الوضوء والاغتسال وغير ذلك.

كما حث ﷺ على رياضة الفروسية وهي القدرة على ركوب وترويض الجواد والتحكم في حركاته والقدرة على التجانس معه في وحدة متناسقة من الحركات، ففي الصحيحين أنه ﷺ سابق بين الخيل، بل وأعطى السابق منهم، أي كافأه، كما في مسند أحمد، وإنما شجع الإسلام على هذه الرياضه لي إعداد القوة والمنعة للدفاع عن الأمة والوطن.

وكذلك حث ﷺ على السباحة على الرغم من عدم وجود بِحار أو أنهار في مكة والمدينة أو حولهما، وهي رياضة تعتبر الأكثر نفعًا للجسم دون غيرها من الرياضات. لأنها تقوي الجملة العصبية، وتنمي العضلات، قال ﷺ: «كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل، فهو لغو ولهو، أو سهو، إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين (أي للرمي والتصويب) وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلّمُه السباحة».

ومما حث عليه أيضا، المبارزة واللعب بالسيوف، حيث سمح ﷺ للأحباش أن يلعبوا بحرابهم في مسجده ﷺ، كما صح في الحديث.

ومن الرياضات التي مارسها ﷺ رياضة المشي، حتى إن أبا هريرة رضي الله عنه وصفه فقال: «ما رأيت أحدًا أسرع في مشيته من رسول الله ﷺ لكأنما تُطوي له الأرض،وفي رواية وإنا لنجهد أنفسنا ولا يبدو عليه الجهد». وقد ذهب ﷺ من مكة إلى الطائف والتي تبعد حوالي (110) كم، ماشيًا على قدميه.

إذن فالرياضة في الإسلام موجهة نحو غاية، تهدف إلى القوة، وهي في نظر المشرع سبحانه وسيلة لتحقيق الصحة والقوة البدنية لأفراد الأمة، وذلك حتى تكون الأمة المحمدية مرهوبة الجانب، منيعة محمية عزيزة كريمة.

  فالرياضة هي مجموعة من الأعمال يقوم بها الإنسان بصورة فردية أو جماعية لغرض تنمية الجسم وتدريبه وإشغال الوقت وتهذيب السلوك. وقدأ وصى الرسول على الاهتمام بما يقوي الجسد ويحفظهُ صحيحاً سليماً، ومن ذلك التربية الرياضية التي تسهم في بناء الجسد بنائاً سليماً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى